للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لي خمسة أسماء: أنا محمّد، وأحمد، وأنا الماحي الّذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الّذي يحشر النّاس على قدمي، وأنا العاقب» «١» . وعنه رضي الله عنه في رواية مسلم: أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «أنا محمّد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الّذي يمحى بي الكفر، وأنا الحاشر الّذي يحشر النّاس على عقبي، وأنا العاقب» .

والعاقب الّذي ليس بعده نبيّ «٢» ، وعند مسلم أيضا، من حديث أبي موسى الأشعريّ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمّي لنا نفسه أسماء فقال: «أنا محمّد، وأحمد، والمقفّي، والحاشر، ونبيّ التّوبة، ونبيّ الرّحمة» «٣» .

[بعض فوائد الأحاديث:]

[الفائدة الأولى:]

حب الله- سبحانه وتعالى- للنبي صلى الله عليه وسلم، بأن شرّفه بتعدد أسمائه وصفاته، والتي تدل على كثرة خيره ووفور بركته وعلو مكانته وتعدد شمائله، كما أن من علامات هذا الحب أن بعض تلك الأسماء والصفات قد ادخرها الله- عز وجل- لنبيه صلى الله عليه وسلم فلم يشاركه فيها أحد من الأولين والآخرين. قال الإمام ابن حجر رحمه الله في شرحه لقوله صلى الله عليه وسلم: «إن لي خمسة أسماء» ما نصه: (والذي يظهر أنه أراد أن لي خمسة أسماء اختّص بها لم يسمّ بها أحد قبلي أو معظمة أو مشهورة في الأمم الماضية) . كما نقل رحمه الله عن القاضي عياض قوله: (حمى الله هذه الأسماء أن يسمى بها أحد قبله، وإنما تسمى بعض العرب محمدا قرب ميلاده لما سمعوا من الكهان والأحبار أن نبيّا سيبعث في ذلك الزمان يسمى محمدا، فرجوا أن يكونوا هم فسموا أبناءهم بذلك) «٤» .

[الفائدة الثانية: بعض أقوال العلماء في معاني أسمائه صلى الله عليه وسلم:]

١- محمد:

قال الإمام القرطبي رحمه الله (محمد منقول من صفة، وهي في معنى محمود، ولكن فيه معنى المبالغة والتكرار، فالمحمد هو الذي حمد مرة بعد مرة، كما أن المكرم من الكرم مرة بعد مرة، وكذلك الممدّح ونحو ذلك، فاسم محمد مطابق لمعناه، والله سبحانه سماه قبل أن يسمي به نفسه، فهذا علم من أعلام نبوته إذ كان اسمه صادقا عليه، فهو محمود في الدنيا لما هدى إليه ونفع به من العلم والحكمة، وهو محمود في الآخرة


(١) البخاري، كتاب: المناقب، باب: ما جاء في أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (٣٥٣٢) .
(٢) مسلم، كتاب: الفضائل، باب: في أسمائه صلى الله عليه وسلم، برقم (٢٣٥٥) .
(٣) انظر ما قبله.
(٤) انظر «فتح الباري» ، (٦/ ٥٥٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>