يستعجل عذاب الله، فلا جدال في آيات الله بغير حق، ولا إنكار لما جاء في الكتاب والسنة، ولا استهزاء بحرمات وشعائر الله، فهذا كله يعجل عذاب الله، ولا أحد يقدر عليه، انظر ماذا فعل الله بالمستهزئين برسوله، وقد كانوا في فسحة من أمرهم، ولكن بالضحك والهزل وبكثير من الكبر، أذلهم الله بعد أن كانوا أكابر، وجعلهم أحاديث بعد أن كانوا أساطير، ولا أحد يتصور ما أعده الله لهم من العذاب الأليم يوم الدين، فلو لم يعذبهم الله على أي عمل اقترفوه، غير هذه الفعلة النكراء، فسيرون من الله ما لم يكونوا يحتسبون، وليحذر كل مسلم يستهزئ بالكتاب والسنة أن تصيبه شؤم دعوة النبي صلى الله عليه وسلم.
[الفائدة الثامنة:]
التحذير من رفقاء السوء، فالظاهر من الحديث، أن بعضهم حرّض بعضا على هذه الفعلة، ولو أن فيهم صالحا أو عاقلا لنهاهم عن هذا المنكر ولنصحهم بالمعروف.
[الفائدة التاسعة:]
اعتناء الصحابة بسنة نبيهم، حيث حفظ الصحابي، عبد الله بن مسعود، أسماء من دعا عليهم النبي بمكة، ولما حضر غزوة بدر بعد الهجرة، كأنه راقب الذين آذوا رسول الله، وتأكد برؤية العين أنهم قتلوا وألقوا في القليب، وهذا أيضا من اهتمامهم بكلام النبي صلى الله عليه وسلم، يريدون أن يعرفوا مال من دعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم.
ويماثله ذلك أيضا مراقبة أحد الصحابة للرجل الذي أبلغهم النبي أنه من أهل النار، فراقبه حتى علم سر كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت هذه الأمور تزيدهم إيمانا ويقينا بالله ورسوله.
ج- استجابة دعائه في هداية الكافرين:
عن أبي هريرة قال: (كنت أدعو أمّي إلى الإسلام وهي مشركة فدعوتها يوما فأسمعتني في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أكره فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، قلت: يا رسول الله إنّي كنت أدعو أمّي إلى الإسلام فتأبى عليّ، فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره، فادع الله أن يهدي أمّ أبي هريرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«اللهمّ اهد أمّ أبي هريرة» فخرجت مستبشرا بدعوة نبيّ الله صلى الله عليه وسلم فلمّا جئت فصرت إلى الباب فإذا هو مجاف فسمعت أمّي خشف قدميّ فقالت:
مكانك يا أبا هريرة وسمعت خضخضة الماء قال: فاغتسلت ولبست درعها وعجلت عن خمارها ففتحت الباب ثمّ قالت: يا أبا هريرة أشهد ألاإله إلّا الله وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، قال: فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته وأنا أبكي من الفرح، قال: قلت: يا