للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال صاحب المنتخب: (إنك- أيها الرسول- لا تستطيع هدايتهم، فإنهم كالموتى في عدم الوعي، وكالصم في فقدان أداة السمع، فليسوا مستعدين لسماع دعوتك لتماديهم في الإعراض عنك) ، وقال رحمه الله: (ولست بمستطيع أن تهدي إلى الحق من عميت أبصارهم وبصائرهم ولا يمكنك أن تسمع إلا من يقبل على الإيمان باياتنا فهم مطيعون مستجيبون) .

[المثال الثالث:]

توليهم بسبب اتباعهم الهوى.

قال تعالى: فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [القصص: ٥٠] . قال الشيخ السعدي رحمه الله:

(فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فلم يأتوا بكتاب أهدى منه فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ، أي:

فاعلم أن تركهم اتباعك ليسوا ذاهبين إلى حق يعرفونه ولا إلى هدى، وإنما ذلك مجرد اتباع لأهوائهم) «١» .

٣٣- كفاية الله له صلّى الله عليه وسلّم:

[الكفاية في اللغة:]

من كفى وهو الاستغناء يقال كفاه الشيء يكفيه أي استغنى عن غيره فهو كاف وكفىّ.

قد قسمت كفاية الله- تبارك وتعالى- لنبيه صلّى الله عليه وسلّم إلى ثلاثة أقسام وهي (كفايته شرعا- كفايته قدرا- كفايته شرعا وقدرا) ليتبين للقارئ مدى حب الله- سبحانه وتعالى- لنبيه صلّى الله عليه وسلّم وحفظه من جميع الوجوه، وإلا فإن الأقسام الثلاثة قد تتداخل، وقد أتيت بشواهد قليلة لهذه الكفاية لعدم الإطالة- قدر الإمكان- وأترك للقارئ الكريم تدبر القرآن ليتبين له شواهد تلك الكفاية، والتي من أمثلتها قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [الأنفال: ٦٤] ، وقوله تعالى: إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ [التحريم: ٤] .

١- كفايته شرعا:

قال تعالى: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً [الصف: ٢٨] . قال الإمام الطبري رحمه الله في تفسير قوله تعالى: وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً، يقول جل ثناؤه لنبيه صلّى الله عليه وسلّم: (أشهدك يا محمد ربّك على نفسه أنه سيظهر الدين الذي بعثك به


(١) تفسير السعدي (٦١٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>