قوله صلى الله عليه وسلم:«فلولا ألاتدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع» فالصحابة رضي الله عنهم كانوا يمشون معه صلى الله عليه وسلم وقد مروا على تلك القبور التي تعذب، ومع ذلك لم يسمعوا ما سمعه النبي صلى الله عليه وسلم.
[بعض فوائد الحديث:]
[الفائدة الأولى:]
في النبي صلى الله عليه وسلم:
١- عناية المولى سبحانه وتعالى به، إذ أسمعه ما لم يسمعه أحدا من الإنس والجن، وأظن أن الحكمة من ذلك أن يكون صلى الله عليه وسلم أشد الناس خوفا من الله وأتقاهم له وأعلمهم به، وقد تحقق ذلك على أحسن ما يكون، فلله الحمد والمنة.
٢- رحمته صلى الله عليه وسلم بالأمة وشفقته بها، وذلك أنه لم يسأل الله عز وجل أن يسمع الأمة صوت عذاب القبر خوفا ألايدفن بعضهم بعضا.
٣- حكمته صلى الله عليه وسلم، إذ وازن بين المصلحة المترتبة على سماع الأمة صوت عذاب القبر والتي تتمثل في شدة خوفها من الله وتجنبها المعاصي، حسب طاقتها، والمفسدة المترتبة على السماع والمتمثلة في ترك الدفن، وهي بلا شك مفسدة عظيمة بل مفاسد بعضها أعظم من بعض، ويمكن الاحتجاج بهذا الحديث كأصل في القاعدة الشرعية الجليلة والتي تقول: إن درء المفاسد أولى من جلب المنافع.
٤- عدم علمه صلى الله عليه وسلم الغيب- إلا ما أطلعه الله سبحانه وتعالى عليه- وتعليمه الأمة هذا الأمر، حيث قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه:«من يعرف أصحاب هذه الأقبر؟» فقد سأل عن أصحاب هذه القبور وزمن موتهم.
٥- قوته صلى الله عليه وسلم في الحق ورباطة جأشه، حيث كان يدفن أصحابه ويباشر ذلك بنفسه مع علمه بما في القبر من بلاء وفتن ومحن بل قد سمع ذلك، أما غيره من الناس- بما فيهم الصحابة- فيخشى عليهم إذا سمعوا ما يحدث في القبر ألا يتدافنوا. لذلك ما كان هناك من ضرر من سماع النبي صلى الله عليه وسلم لعذاب القبر.
٦- تواضعه صلى الله عليه وسلم حيث كان يركب البغلة ولا يترفع عن ذلك.
[الفائدة الثانية:]
إثبات سماع الحيوانات وغيرها عذاب القبر، ودليله أن بغلة النبي صلى الله عليه وسلم