للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخيرية، والتي نصت عليها الآية الكريمة، وهي أنهم أنفع الناس للناس بما يقومون به من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبما استقر في نفوسهم من الإيمان بالله- عز وجل-، قال- تعالى-: تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران: ١١٠] .

[بعض فوائد الآية الكريمة:]

[الفائدة الأولى:]

في الآية بيان فضل النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الأمة، قال الإمام ابن كثير رحمه الله: (وإنما حازت هذه الأمة قصب السبق إلى الخيرات بنبيها محمد صلى الله عليه وسلم، فإنه أشرف خلق الله وأكرم الرسل على الله، وبعثه الله بشرع كامل عظيم لم يعطه نبي قبله ولا رسول من الرسل، فالعمل على منهاجه وسبيله يقوم بالقليل منه ما لا يقوم العمل الكثير من أعمال غيرهم مقامه) . انتهى «١» .

[الفائدة الثانية:]

بيان فضل الإيمان بالله تعالى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حيث إن الآية لما أخبرت أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم هي خير الأمم، أتت بوصفين هما بمثابة القيد لهذه الخيرية، لذا قال الإمام ابن كثير رحمه الله: (فمن اتصف من هذه الأمة بهذه الصفات دخل معهم في هذا الثناء عليهم والمدح، ومن لم يتصف بذلك أشبه أهل الكتاب الذين ذمهم الله بقوله: كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ [المائدة: ٧٩] ؛ ولهذا لما مدح تعالى هذه الأمة بهذه الصفات شرع في ذم أهل الكتاب وتأنيبهم، فقال تعالى:

وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ. انتهى «٢» .

ويتفرع على هذه عدة أمور؛ منها:

أ- هذه الخيرية لا تثبت لكل أمة الإسلام على مر العصور بنفس القوة، وإنما تقوى وتضعف على حسب ما تقوم به من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان بالله.

ب- لا ينبغي لأحد أن يتباهى بهذه الآية ويفرح بها إلا إذا اتصف بهاتين الصفتين، وإلا كانت الآية حجة عليه.

ج- الحث على التمسك بهاتين الصفتين لتحقيق الخيرية التي منّ الله- عز وجل- بها على هذه الأمة.

[الفائدة الثالثة:]

لا ينبغي أبدا لأحد من المسلمين أن يظن أن أي أمة (غير أمة الإسلام)


(١) انظر «تفسير القرآن العظيم» ، (١/ ٣٩٢) .
(٢) انظر المصدر السابق، (١/ ٣٩٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>