للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣١- تزكيته صلّى الله عليه وسلّم:

١- تزكية فطرته صلّى الله عليه وسلّم:

قال أبو هريرة رضي الله عنه: أتي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليلة أسري به بإيلياء بقدحين من خمر ولبن فنظر إليهما فأخذ اللّبن قال جبريل: «الحمد لله الّذي هداك للفطرة، لو أخذت الخمر غوت أمّتك» «١» . رواه البخاري.

الشّاهد في الحديث:

قول جبريل عليه السّلام: «لو أخذت الخمر غوت أمتك» ، وفي رواية مسلم أيضا: «أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك» .

[بعض فوائد الحديث:]

[الفائدة الأولى:]

في شمائله صلّى الله عليه وسلّم:

١- عناية الله- سبحانه وتعالى- به إذ هداه للفطرة والتي هي- كما عرفها الحافظ ابن حجر- الاستقامة على الدين الحق «٢» .

٢- حسن تربيته ونشأته صلّى الله عليه وسلّم ودليله أنه اختار اللبن وردّ الخمر، فسبحان الذي جعل طبعه يوافق ما أبيح وحرّم على هذه الأمة، وليس ذلك في هذا الاختبار فقط ولكن في أمور كثيرة خالف فيها صلّى الله عليه وسلّم ما كان عليه أمر الجاهلية.

٣- أدبه صلّى الله عليه وسلّم حيث لم يردّ الاثنين، وقد يفعل الرجل ذلك إذا خاف سوء الاختيار، وقد يكون ذلك أيضا من فقهه صلّى الله عليه وسلّم حيث علم أنه لا يسعه ردّ الاثنين.

٤- فراسته صلّى الله عليه وسلّم، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: (نفر من الخمر؛ لأنه تفرس أنها ستحرم لأنها كانت حينئذ مباحة ولا مانع من افتراق مباحين مشتركين في أصل الإباحة في أن أحدهما سيحرم والآخر تستمر إباحته. وأضاف رحمه الله: (واختار اللبن لكونه مألوفا له سهلا طيبا سائغا للشاربين سليم العاقبة بخلاف الخمر في جميع ذلك) «٣» .

٥- عظيم فضله صلّى الله عليه وسلّم على أمته حيث حفظت الأمة من الغواية باختياره صلّى الله عليه وسلّم اللبن.


(١) البخاري، كتاب: تفسير القرآن، باب قوله: أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ برقم (٤٧٠٩) ومسلم كتاب: الأشربة، باب: جواز شرب اللبن برقم (١٦٨) .
(٢) فتح الباري (١٠/ ٣٣) .
(٣) فتح الباري (١٠/ ٣٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>