للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفائدة الأولى:]

أوجبت الآية الكريمة ردّ الأمور المتنازع فيها إلى الله ورسوله، ومن مظاهر هذا الإيجاب:

١- قوله- تعالى- فَرُدُّوهُ وهو فعل أمر، وفعل الأمر يدل على الوجوب.

قال الشيخ السعدي- رحمه الله-: (ثم أمر بردّ كل ما تنازع الناس فيه من أصول الدين وفروعه إلى الله ورسوله، أي: إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فإن فيهما الفصل في جميع المسائل الخلافية، إما بصريحهما أو عمومهما أو إيماء أو تنبيه أو مفهوم أو عموم معنى يقاس عليه ما أشبهه؛ لأن كتاب الله وسنة رسوله عليهما بناء الدين ولا يستقيم الإيمان إلا بهما) «١» .

٢- وضحت الآية الكريمة أن رد المتنازع فيه إلى الله ورسوله من مقتضيات الإيمان بالله واليوم الآخر، فجعلت علامة الإيمان بهما هو التحاكم إلى الكتاب والسنة. قال الشيخ السعدي- رحمه الله-: «فالرد إليهما شرط في الإيمان؛ فلهذا قال: إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فدل ذلك على أن من لم يردّ إليهما مسائل النزاع فليس بمؤمن حقيقة» . وقال الإمام القرطبي: (أي ردوا ذلك الحكم إلى كتاب الله أو إلى رسوله صلى الله عليه وسلم بالسؤال في حياته أو بالنظر إلى سنته بعد وفاته صلى الله عليه وسلم ومن لم ير هذا اختلّ إيمانه لقوله- تعالى-: إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) «٢» .

٣- جعلت الآية الكريمة الرد إلى الله ورسوله فيه خير الدنيا والآخرة، وبذلك يكون عدم الرد سببا في حصول الشر في الأولى والآخرة، قال الإمام القرطبي- رحمه الله-:

(أي ردّكم ما اختلفتم فيه إلى الكتاب والسنة خير من التنازع وأحسن تأويلا أي مرجعا) «٣» .

وأوضح الشيخ السعدي وجه الخيرية في الرد إلى الله ورسوله فقال: (لأن حكم الله ورسوله أحسن الأحكام وأعدلها وأصلحها للناس في أمر دينهم ودنياهم وعاقبتهم) .

وهذا توجيه آخر إذا ضمّ إلى كلام الإمام القرطبي كملت الفائدة.

[الفائدة الثانية:]

ليس لولي الأمر طاعة مستقلة عن طاعة الله ورسوله، ولكن طاعته داخلة في طاعة الله ورسوله، بل إن طاعته مشروطة بعدم الأمر بمعصية، أما طاعة


(١) انظر «تيسير الكريم الرحمن» ص (١٨٤) .
(٢) انظر «الجامع لأحكام القرآن» (٥/ ٢٦١) .
(٣) انظر «الجامع لأحكام القرآن» (٥/ ٢٦٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>