للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمّ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلّا حطّ الله به سيّئاته كما تحطّ الشّجرة ورقها» .

ومن أوجه إرادة الله عز وجل الخير لنبيه صلّى الله عليه وسلّم أن أعطاه منزلة الشهداء، وهي منزلة وإن كانت عظيمة إلا أنها. قطعا. أقل من منزلة الأنبياء، لكن الله عز وجل أراد أن يجمع له كل المنازل والدرجات، روى البخاري: «قالت عائشة. رضي الله عنها.: كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول في مرضه الّذي مات فيه: يا عائشة ما أزال أجد ألم الطّعام الّذي أكلت بخيبر فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري من ذلك السّمّ» «١» .

وفي ذلك إشارة إلى خبر اليهودية التي وضعت السم للنبي صلّى الله عليه وسلّم، وقد ورد ذكرها في الحديث الذي أخرجه البخاري: عن أنس أنّ امرأة يهوديّة أتت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بشاة مسمومة، فأكل منها، فجيء بها إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فسألها عن ذلك فقالت: أردت لأقتلك. قال: ما كان الله ليسلّطك على ذاك. قال: أو قال: عليّ. قال قالوا: ألا نقتلها؟

قال: لا. قال: فما زلت أعرفها في لهوات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «٢» .

[الفائدة الثانية:]

حفظ الله عز وجل لنبيه وجهه الجميل حتى آخر يوم في حياته، رغم شدة المرض الذي ألمّ به صلّى الله عليه وسلّم، ورد في الحديث: «فكشف النبي صلّى الله عليه وسلّم ستر الحجرة ينظر إلينا وهو قائم كأن وجهه ورقة مصحف» .

قال الإمام النووي. رحمه الله.: «عبارة عن الجمال البارع وحسن البشرة وصفاء الوجه واستنارته» «٣» .

وأقول: إن عدم تغير وجه النبي صلّى الله عليه وسلّم قبل موته، هو أيضا من أفضاله. تبارك وتعالى. على الصحابة. رضي الله عنهم.؛ لأنه من المؤكد أنه كان سيحزنهم ويسوءهم أن وجه النبي صلّى الله عليه وسلّم الجميل قد تغير، كما أراد الله عز وجل أن يكون آخر عهد الصحابة بنبيهم صلّى الله عليه وسلّم هذا الوجه الجميل لتبقى هذه الصورة محفوظة في أذهانهم ماثلة أمام أعينهم، ولم تزل هذه الصورة


(١) رواه البخاري معلقا، كتاب: المغازى، باب: مرض النبي صلّى الله عليه وسلّم ووفاته برقم (٤١٦٥) .
(٢) أخرجه البخاري، كتاب: الهبة، باب: قبوله الهدية من المشركين، برقم (٢٦١٧) ، ومسلم واللفظ له، كتاب: السلام، باب: السم برقم (٢١٩٠) .
(٣) انظر شرح النووى على صحيح مسلم (٤/ ١٤٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>