للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الدليل من السنة على اختيار أقرب الناس للمشاركة في الخير، فعن أم حبيبة أنها قالت: (قلت: يا رسول الله انكح أختي بنت أبي سفيان. قال: «وتحبّين؟» قلت: نعم.

لست لك بمخلية، وأحبّ من شاركني في خير أختي) «١» . ولكن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يفعل لأنها كانت بنت أخ من الرضاعة بالإضافة إلى تحريم الجمع بين الأختين وأنصح كل مسلم فأقول له: لا تبخل على أخيك المسلم بأي خير، واعلم أن خير الله الذي أراده لأخيك سيصل إليه لا محالة، فاحرص أن يكون هذا الخير على يديك، فيحبك الله عزّ وجلّ، ويحبك الناس، وتكون من أهل المعروف في الدنيا.

[الفائدة الثانية:]

إذا قال قائل: الغلام كان صغيرا فكيف نأخذ من فعله حكما؟

قلت: عدم تعقيب النبي صلّى الله عليه وسلّم على قول الغلام أو الإنكار عليه، دلنا أن فعل الغلام هو الصواب، إذ لا يجوز في حقه صلّى الله عليه وسلّم تأخير البيان عن وقت الحاجة.

[الفائدة الثالثة:]

الذي يجلس عن اليمين هو الأولى، ولا يعطي لغيره إلا بإذنه، وهو مخير بالإذن من عدمه.

[الفائدة الرابعة:]

تواضع النبي صلّى الله عليه وسلّم مع الغلام، وحفظ حقه، ويظهر ذلك في الاستئذان، ولو علم الغلام أن هذا الاستئذان ليس على بابه، أي أنه بمثابة الأمر، لبادر إلى الطاعة والامتثال.

ثالثا: تبركهم بشعره صلّى الله عليه وسلّم:

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: لمّا رمى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الجمرة، ونحر نسكه، وحلق ناول الحالق شقّه الأيمن، فحلقه، ثمّ دعا أبا طلحة الأنصاريّ، فأعطاه إيّاه ثمّ ناوله الشّقّ الأيسر، فقال: احلق فحلقه فأعطاه أبا طلحة، فقال: اقسمه بين النّاس) «٢» .

[الشاهد في الحديث:]

قوله صلّى الله عليه وسلّم: «اقسمه بين الناس» .

[بعض فوائد الحديث:]

[الفائدة الأولى:]

الشمائل النبوية:

١- بركة شعره صلّى الله عليه وسلّم، ودليله أنه أعطى شعر شقه الأيمن لأبي طلحة، زوج أم سليم


(١) البخاري، كتاب: النكاح، باب: وأن تجمعوا بين الأختين ... ، برقم (٥١٠٧) . مسلم، كتاب: الرضاع، باب: تحريم الربيبة وأخت المرأة، برقم (١٤٤٩) .
(٢) مسلم، كتاب: الحج، باب: بيان أن السنة يوم النحر أن يرمي ... ، برقم (١٣٠٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>