والدة أنس، رضي الله عنهم، وأمر صلّى الله عليه وسلّم أبا طلحة بتقسيم شعر شقه الأيسر على الناس، وعند مسلم:(فوزعه بين الناس الشعرة والشعرتين) ، ولفظ (اقسمه) يشعر أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أراد من أبي طلحة رضي الله عنه العدل بين الناس في توزيع الشعر، ولولا علمه صلّى الله عليه وسلّم بعظيم بركة شعره، ما أمر بتقسيمه بين الناس. بل إنه أمر بمراعاة العدل في التقسيم.
يتفرع على ذلك إثبات بركة النبي صلّى الله عليه وسلّم في كل ما يخصه؛ إذ تم توزيع شعره بين الصحابة، رضي الله عنهم بالشعرة والشعرتين، ولولا حدوث البركة بالشعرة الواحدة، ما كان هناك حكمة من وراء توزيعها على الصحابة، ولك أخي القارئ أن تتصور الجهد الذي بذله أبو طلحة ليقسم شعر الشق الأيسر للنبي صلّى الله عليه وسلّم بين الناس ومعلوم أن شعره صلّى الله عليه وسلّم كان كثيفا وطويلا.
٢- عظيم اعتناء المولى- سبحانه وتعالى- بنبيه صلّى الله عليه وسلّم إذ جعل في كل شيء اتصل به عظيم البركة، من الشعر واللباس والأظافر والعرق ومكان الصلاة وفضلة الماء والوضوء، وبصاقه بل ونخامته التي كان الصحابة رضي الله عنهم يتبادرونها فيمسحون بها وجوههم، واقرأ أخي المسلم، ما ورد في البخاري في حديث صلح الحديبية الطويل، ما ذكره عروة بن مسعود لأصحابه من كفار قريش:(والله لقد وفدت على الملوك ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي، والله إن رأيت ملكا قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلّم محمدا، والله إن تنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده) .
ولا تتعجب أخي القارئ من سلوك الصحابة رضي الله عنه ولا تقول في نفسك: كيف يفعلون ذلك بالنخامة، وتظن أنك لو كنت مكانهم لاستقذرت ذلك؛ لأن الذي عاين وعايش أحوال النبي صلّى الله عليه وسلّم ليس كالذي سمع، وإذا كان عرقه صلّى الله عليه وسلّم كان مثل حبات اللؤلؤ في جماله، وأطيب من المسك في ريحه، فلماذا نقيس نخامته صلّى الله عليه وسلّم بنخامة بقية الناس، حتى محجنه صلّى الله عليه وسلّم قد ثبتت له البركة لملامسة يد النبي صلّى الله عليه وسلّم فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:(كنت مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في غزاة فأبطأ بي جملي، وأعيا فأتى عليّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال:«جابر؟» فقلت: نعم.