للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أموال وتجارة، وصاحب عقل وحكمة، يشهد له بذلك القريب والبعيد، بل شهد له عدوه من غير جلدته، وهو سيد القارة، فهل بعد هذا الحب من حب، وأقول: أين نحن من حب وتوقير وإجلال الصحب الكرام للنبي صلّى الله عليه وسلّم، صحيح أننا لن نصل إلى معشار ما وصلوا إليه، لكن علينا أن نجتهد ونعمل ونسدد ونقارب، فالله برحمته ومنته يقبل القليل ويباركه، ويعفو عن الكثير من التقصير، وأسأل أخي المسلم: لماذا فعل الصديق مع نبي الأمة كل هذا؟ والإجابة معروفة، لقد رأى من النبي صلّى الله عليه وسلّم كل خير، وعدم معه كل شر، مع قوة يقين الصديق رضي الله عنه وطمعه في رضى ربه.

الفائدة الرابعة عشرة: حب الصحابة- رضي الله عنهم- للنبي صلّى الله عليه وسلّم:

ويتبين لنا في المواقف التالية:

١- خروجهم كل يوم إلى الحرة لاستقبال النبي صلّى الله عليه وسلّم، وما يردهم إلى بيوتهم إلا حر الظهيرة، وهذا يدل على شوقهم الشديد لرؤيته صلّى الله عليه وسلّم، فما استطاعوا أن يصبروا في بيوتهم حتى يأتيهم خبر مقدمه الميمون صلّى الله عليه وسلّم، ورد في الحديث: «وسمع المسلمون بالمدينة بخروج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من مكة فكانوا يغدون كل غداة إلى الحرة فينتظرونه حتى يردهم حر الظهيرة» «١» حدث هذا منهم رضي الله عنهم وهم لم يروا النبي صلّى الله عليه وسلّم فكيف كان حالهم بعد أن رأوه.

٢- فرحهم جدّا بمقدم النبي صلّى الله عليه وسلّم، فمن فرحتهم صعدوا أسطح البيوت ومشوا في الطرقات يتغنون باسمه صلّى الله عليه وسلّم ابتهاجا وسرورا، فعند مسلم: «فصعد الرجال والنساء فوق البيوت وتفرق الغلمان والخدم في الطرق ينادون يا محمد يا رسول الله يا محمد يا رسول الله» ، وفي إحدى روايات البخاري: «فقيل في المدينة: جاء نبي الله فأشرفوا ينتظرون ويقولون: جاء نبي الله جاء نبي الله» «٢» .

٣- احتفاؤهم بالنبي صلّى الله عليه وسلّم وملازمتهم له، ورد في الحديث: «ثم ركب راحلته فسار يمشي معه الناس حتى بركت عند مسجد الرسول صلّى الله عليه وسلّم بالمدينة» وفي رواية أخرى عند البخاري: «فركب نبي الله صلّى الله عليه وسلّم وأبو بكر وحفوا دونهما بالسلاح» .


(١) أخرجه البخاري، كتاب: المناقب، باب: هجرة النبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه، برقم (٣٩٠٦) من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٢) أخرجه البخاري، كتاب: المناقب، باب: هجرة النبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه، برقم (٣٩١١) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>