عنه:«فأتيت الصخرة فسويت بيدي مكانا ينام فيه النبي صلّى الله عليه وسلّم في ظلها ثم بسطت عليه فروة» .
ب. عنايته رضي الله عنه بوضوء النبي صلّى الله عليه وسلّم وشرابه قال رضي الله عنه:«ومعي أداة أرتوي فيها للنبي صلّى الله عليه وسلّم ليشرب منها ويتوضأ» .
ج. عنايته رضي الله عنه بغذاء النبي صلّى الله عليه وسلّم، من حيث نظافته ومناسبته للشرب، أما نظافته: فقد قال رضي الله عنه للراعي في إحدى روايات البخاري: «ثم أمرته أن ينفض ضرعه من الغبار ثم أمرته أن ينفض كفيه»«١» ، وأما مناسبته للشراب: فقد حرص رضي الله عنه أن يكون طعامه سائغا لذيذا، وليس مجرد طعام يتغذى به، لذلك عمل على تبريده قبل تقديمه للنبي صلّى الله عليه وسلّم، وهذا غاية الاجتهاد منه رضي الله عنه في إرضاء النبي صلّى الله عليه وسلّم ورد في رواية للبخاري:«وقد جعلت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم إداوة على فمها خرقة فصببت على اللبن حتى برد أسفله» .
٥- فرحه ورضاه، بل وسعادته القلبية، بما يسعد النبي صلّى الله عليه وسلّم:
ورد عند البخاري:«فقلت: اشرب يا رسول الله فشرب حتى رضيت» كيف كان هذا الحب، لا يشعر أبو بكر رضي الله عنه بالرضا. وهو شعور قلبي لا يشعر به الإنسان إلا إذا حدث ما يفرحه ويسعده ويذهب عنه ما يسوؤه ويحزنه. إلا إذا تيقن أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قد شرب حتى ارتوى. وذهب عنه ما يسوؤه من ظمأ وعطش.
٦- شفقته رضي الله عنه بالنبي صلّى الله عليه وسلّم:
ومن مظاهر ذلك في الحديث كراهيته أن يوقظ النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو نائم، فلا حرج بالنسبة إليه بعد أن أعد الغذاء أن يقف به، ينتظر أن يستيقظ النبي صلّى الله عليه وسلّم من نفسه، وهذا أهون عليه أن يقطع على النبي صلّى الله عليه وسلّم نومته، وهو في حاجة إليها، أو أنه لم يأخذ كفايته منها. ففي رواية مسلم:«وكرهت أن أوقظه من نومه فوافقته استيقظ» .
هذا طرف من حب وإجلال وتوقير النبي صلّى الله عليه وسلّم في قلب وعقل صديق هذه الأمة، وتدبر أخي القارئ أن هذا السلوك القويم، والنهج الجميل، لم يحدث من رجل من عموم المسلمين المغمورين، بل كان هذا السلوك من رجل حسيب نسيب شريف، غني في قومه، صاحب
(١) أخرجه البخاري، كتاب: اللقطة، باب: من عرف اللقطة ولم يدفعها إلى السلطان، برقم (٢٤٣٩) من حديث أبي بكر رضي الله عنه.