القلب ويغسله بالماء، ثم يعيده مكانه، ثم يلأم الجرح مرة أخرى، وتظهر علامة هذا الالتئام، كأنه المخيط في صدره، كل ذلك دون أن يشعر النبي صلّى الله عليه وسلّم بأدنى ألم، أثناء وبعد العملية، ودون أن يستخدم جبريل أي أدوات جراحية، أو أجهزة طبية لضمان بقاء النبي صلّى الله عليه وسلّم حيّا، كل ذلك كان إظهارا لعجائب قدرة الله- سبحانه وتعالى-، فتدبر أخي المسلم.
٢- إجراء هذه العملية للنبي صلّى الله عليه وسلّم ووجود أثر مخيط في صدره، يراه هو ويراه غيره، كلما كشف عن صدره، فيه:
أ- تذكير النبي عليه السلام بعظيم قدرة الله سبحانه وتعالى، وأنه لا يعجزه شيء في الأرض والسماوات، فيكون ذلك أدعى له بتصديق كل ما وعده الله به، حتى وإن كانت أمورا خارقة للعادة، ستحدث على غير المألوف من نواميس الكون، والدليل على ذلك أنه استقبل حادثة الإسراء والمعراج بنفس مطمئنة مصدقة لما حدث، وذلك لسابق علمه بقدرة الله، وأنه قد عايش هذه المعجزات من قبل.
ب- تذكيره صلّى الله عليه وسلّم بعناية الله به منذ صغره، فالذي اعتنى به وأرسل له جبريل يغسل صدره، لن يخذله ولن يتخلى عنه بعد البعثة من باب أولى.
ج- رؤية الصحابة رضي الله عنهم أثر المخيط في صدره، فيه تثبيت لهم، وإعلام بعلو قدر الرسول صلّى الله عليه وسلّم عند ربه، وبيان قدرة المولى- سبحانه وتعالى-. وهذه من أعظم حكم المعجزات الحسية، قال أنس:(وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره) .
كل تلك الحكم، ما كانت لتحدث لو أن غسل القلب حدث بدون شق الصدر، فمن عاين ليس كمن سمع.
[الفائدة الخامسة:]
بركة وشرف ماء زمزم؛ لأن جبريل عليه السلام قد غسل قلبه- عليه الصلاة والسلام.، بهذا الماء في هذه الواقعة العظيمة، ولو كان هناك ماء أشرف منه لاستخدمه جبريل عليه السلام. ولكن لا يؤخذ من هذه الواقعة اعتقاد أن ماء زمزم له مزية إذا استخدم في غسل الجسم، أو الوضوء، أو غسل كفن المسلم، كما يفعله بعض المسلمين من بلاد آسيا، وذلك للأسباب التالية:
أ- استخدام ماء زمزم كان لغسل الباطن، وهو قلب النبي صلّى الله عليه وسلّم، وليس لاستخدام الأعضاء الظاهرية كما في الغسل والوضوء.