الثناء، لشجاعته وإقدامه وقتله الكثير من الكفار.
[الفائدة الثانية عشرة:]
في الحديث التفات واضح حيث بدأ النبي صلى الله عليه وسلم الحديث بكلامه فقال: «تضمن الله لمن خرج» ، ثم حدث التفات في النص، فجاءت فقرة معترضة في الحديث من كلام الله- عز وجل- كأنه حديث قدسي فقال: «لا يخرجه إلا جهادا في سبيلي وإيمانا بي وتصديقا برسلي» ، ثم أكمل النبي الحديث من لفظه فقال: «والذي نفس محمد بيده» ، وهذا يحدث في القرآن كما يحدث في السنة، قال تعالى: وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ [لقمان: ١٣] . ثم حدث التفات في الآية التي تليها، وكانت من كلام الله- عز وجل- فقال: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ [لقمان: ١٤] ، ثم أكمل لقمان النصح لابنه في بقية الآيات، وأرى أن لقمان قد أوصى ابنه بالوالدين إحسانا، ولكن لما كان شأن الإحسان إلى الوالدين عظيما، التفت الخطاب وكان الكلام من الله- عز وجل- وهذا من شاكلة الحديث الذي مضى، فلما كان أمر النية والإخلاص عظيما في الجهاد ورد ذكره من كلام الله- عز وجل-.
[فالحاصل:]
أن الالتفات في الكلام، يشد انبتاه السامع مع التأكيد على عظيم الكلام الذي تم فيه الالتفات، ولا يشترط في الالتفات أن يتغير شخص المتكلم، فقد يحدث ويكون المتكلم واحدا، وذلك بتغيير الضمير من المخاطب إلى الغائب، وهذا كثير جدّا في القرآن الكريم.
الفائدة الثالثة عشرة: [في أقسام الشهداء وأحكامهم]
[أقسام الشهداء]
ينبني على ذلك أن الشهداء ثلاثة أقسام:
[القسم] الأول: شهيد الدنيا والآخرة
، وهو الذي قاتل لتكون كلمة الله هي العليا بإخلاص ونية.
[القسم] والثاني: شهيد الدنيا دون الآخرة
، وهو الذي يموت سمعة ورياء.
[القسم] والثالث: شهيد الآخرة دون الدنيا
وقد عدّهم النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «الشهداء: الغرق، والمطعون، والمبطون، والهدم» «١» .
[وأحكام الشهداء على النحو التالي:]
[الحكم] الأول:
لا يغسل ولا يكفن في الدنيا ويدخل الجنة بحول الله.
و [الحكم] الثاني:
لا يغسل ولا يكفن في الدنيا، وأمره في الآخرة إلى الله- عز وجل- إن شاء عذبه وإن شاء غفر له.
(١) البخاري، كتاب: الأذان، باب: الصف الأول، برقم (٧٢١) .