للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفائدة الثّانية:

بيان عاقبة السوء بمن استهزأ بشيء من حرمات الله تبارك وتعالى، والتي من أعظمها، رسله إلى خلقه حيث ذكرت الآية أن العذاب سيحيق بهم، أي- سيحيطهم من كل جانب، وما أسوأ هذا العذاب وأبشعه.

الفائدة الثّالثة:

ومن جنس تسليته صلّى الله عليه وسلّم بذكر استهزاء المشركين بالأنبياء من قبله، تسليته صلّى الله عليه وسلّم بذكر تكذيب الأمم السابقة لإخوانه الأنبياء، مع أنهم جاؤا قومهم بايات الله البينات، الكونية والشرعية قال تعالى: وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ [فاطر: ٢٥] .

وأيضا: قوله تعالى: وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمنِ هُمْ كافِرُونَ [الأنبياء: ٣٦] .

٤- بذكر أسباب تولي الكفار وتكذيبهم:

والغرض من تلك التسلية أن يتيقن النبي صلّى الله عليه وسلّم أن تولي الكفار وعدم سماعهم وإعراضهم عنه ليس بسبب تقصيره في النصح والإرشاد أو ضعف حجته وبيانه أو خلل في قرآنه وسنته، ولكن إعراضهم بسبب تكبرهم واستكبارهم وجحودهم وإنكارهم وأمثلة هذه التسلية في القرآن كثيرة، ولكن سنكتفي بثلاثة أمثلة فحسب:

[المثال الأول:]

توليهم بسبب جحودهم بايات الله:

قال تعالى: قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ [الأنعام: ٣٣] . قال الإمام ابن كثير رحمه الله: (إنهم لا يتهمونك بالكذب في نفس الأمر، ولكنهم يعاندون الحق ويدفعونه بصدودهم) «١» . وقال الشيخ السعدي رحمه الله:

(قد نعلم أن الذي يقوله المكذبون فيك يحزنك ويسوءك، ولم نأمرك بما أمرناك به من الصبر إلا لتحصل لك المنازل العالية والأحوال الغالية، فلا تظن أن قولهم صادر عن اشتباه في أمرك أو شك فيه فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ؛ لأنهم يعرفون صدقك ومدخلك ومخرجك وجميع أحوالك، حتى إنهم كانوا يسمونك- قبل البعثة- الصادق الأمين) «٢» .

[المثال الثاني:]

توليهم بسبب موتهم وصمم آذانهم.

قال تعالى: إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ [النمل: ٨٠] .


(١) تفسير القرآن العظيم (٢/ ١٣٠) .
(٢) تفسير السعدي (٢٥٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>