للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١- ذكر القرطبي رحمه الله كلام العلماء في الآية فقال: (قال القاضي أبو بكر بن العربي: قال المفسرون بأجمعهم: أقسم الله تعالى هاهنا بحياة محمد صلى الله عليه وسلّم تشريفا له، أن قومه من قريش في سكرتهم يعمهون وفي حيرتهم يترددون، قلنا: وهكذا قال القاضي عياض:

أجمع أهل التفسير في أن هذا قسم من الله بمدّة حياة محمد صلى الله عليه وسلّم، ويكون معنى القسم:

وبقائك يا محمد وقيل: وحياتك) . انتهى «١» .

٢- قال الإمام الطبري- رحمه الله-: (ما حلف الله بحياة أحد إلا بحياة محمد صلى الله عليه وسلّم، قال: وحياتك يا محمد وعمرك وبقائك في الدنيا) «٢» .

[بعض فوائد الآية الكريمة:]

[الفائدة الأولى:]

بلغ النبي صلى الله عليه وسلّم المنتهى في تكريم الله- سبحانه وتعالى-، فقد بلغ التشريف ذروته، بأن أقسم الله بحياته، نقل الإمام القرطبي عن القاضي عياض قوله:

(وهذا نهاية التعظيم وغاية البر والتشريف) ، كما نقل عن أبي الجوزاء قوله: (ما أقسم الله بحياة أحد غير محمد صلى الله عليه وسلّم لأنه أكرم البرية عنده) «٣» .

[الفائدة الثانية:]

في قسم الله- سبحانه- بحياة نبيه صلى الله عليه وسلّم، دون غيره من الأنبياء، دليل على فضله صلى الله عليه وسلّم وعلو منزلته وزيادة شرفه على بقية الأنبياء عليهم جميعا الصلاة والسلام، قال الإمام القرطبي: (ما من شيء أقسم الله به إلا وذلك دلالة على فضله على ما يدخل في عداده، فكذلك نبينا صلى الله عليه وسلّم يجب أن يكون أفضل ممن هو في عداده) انتهى «٤» .

[الفائدة الثالثة:]

حياة النبي صلى الله عليه وسلّم كانت كلها حياة مباركة طيبة، استغرقها صلى الله عليه وسلّم كلها في طاعة الله- عزّ وجلّ- فإن قسم الله- عزّ وجلّ- بها دليل على رضاه ومباركته لهذه الحياة، وأنه لم يحدث فيها أي قصور أو تقصير، ولم يشبها أي خلل أو عيب، ولولا ذلك ما أقسم الله بها.

وعليه، فإن من تعرض لحياة النبي صلى الله عليه وسلّم بغمز أو لمز، أو ذكرها بأدنى تنقص، أو أراد أن ينتقد شيئا من عبادته أو عاداته صلى الله عليه وسلّم التي فعلها في حياته الشريفة، فقد ذم ما مدحه الله، وعاب ما حكم الله له بالكمال والجمال، وطعن فيما زكاه الله ورضي به وأثنى عليه غاية الثناء.

[الفائدة الرابعة:]

ليس معنى أن الله- عز وجل- قد أقسم بحياة أشرف الخلق نبينا


(١) تفسير الطبري (١٠/ ٣٩) .
(٢) تفسير الطبري (١٤/ ٤٤) .
(٣) تفسير الطبري (١٠/ ٣٩) .
(٤) تفسير الطبري (١٠/ ٤٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>