٣- ومن جملة فضلهن في هذه المسألة، أنه لا يخشى عليهن الفتنة بعدم الزواج بعد وفاة النبي صلّى الله عليه وسلّم، ونقطع أن الله يعلم ما هن فيه من اكتمال الإيمان والتقوى الذي يصون أعراضهن، وإلا ما عرضهن للفتنة بعدم الزواج، وهذا أبلغ ما يوضح عظيم فضلهن وعلو قدرهن على بقية نساء الأمة.
٤- إيثارهن الله ورسوله على زينة الدنيا ومتاعها، وذلك أنهن اخترن الله ورسوله والدار الآخرة مع علمهن بتحريم زواجهن بعد وفاته صلّى الله عليه وسلّم، مع ما كنّ يلاقينه من شظف العيش وضيق ذات اليد.
نزلت هذه الآيات الكريمات في تبرئة زوج النبي صلّى الله عليه وسلّم، عائشة- رضي الله عنها-، مما خاض فيه طائفة من الصحابة والمنافقين من حديث الإفك، وقد أوردت الحديث كاملا، في باب صبر النبي صلّى الله عليه وسلّم على الأذى، وذكرت ما في الحديث من فوائد عظيمة، ولكن إيرادي للآيات هنا لإثبات عظيم شأن أزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم عند الله- تبارك وتعالى-، وحرص القرآن الكريم على تبرئتهن وإثبات ما يستحقه الخائضون في أعراضهن الشريفة من العذاب العظيم في الدنيا والآخرة.
وسأذكر أولا مظاهر ذلك من الآيات الكريمات ثم بعض فوائد الآيات، وإن كنت أود أن أنبه إلى أن نزول القرآن (ولو آية واحدة تلميحا أو تصريحا) لتبرئة أعراض زوجات النبي صلّى الله عليه وسلّم لهو أعظم دلائل مكانة هؤلاء الزوجات- رضي الله عنهن جميعا- عند الله- تبارك وتعالى- وهو ما تشير إليه عائشة- رضي الله عنها- في الحديث الصحيح:«ولشأني كان أحقر في نفسي من أن يتكلم الله فيّ بأمر يتلى، لكنت أرجو أن يرى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في النوم رؤيا يبرئني الله بها»«١» .
(١) رواه مسلم، كتاب: التوبة، باب: في حديث الإفك وقبول توبة القاذف، برقم (٢٧٧٠) .