قد أثبتت للنبي صلى الله عليه وسلّم مشيئة في الإذن دون أن تقيدها بمشيئة الله- تعالى- أو حتى تذكرها.
[الفائدة الثالثة:]
إن اجتمع في الأمر الواحد ضرران وتعذر رفعهما معا، فيجب دفع أعظمهما ولا ضير في إبقاء أخفهما، لأن النبي صلى الله عليه وسلّم كان من حقه ألا يأذن لمن يشاء، مع أن عدم الإذن لصاحب العذر فيه ضرر عليه، ولكن الإذن له فيه ضرر أعظم، فدفع الضرر الأعظم بالضرر الأخف، وهذه من القواعد الشرعية العظيمة إذ كان صلى الله عليه وسلّم ينظر في أحوال أصحابه، فمن كان الإذن له أخف ضررا أذن له، وإلا لم يأذن له.
[الفائدة الرابعة:]
قد تأتي الأوامر الشرعية بعكس ما يتمنى الإنسان ويهوى أو ضد ما يراه من مصالحه الدنيوية، فيجب عليه أن يسلم بكل ما أمر الله- سبحانه وتعالى- بنفس راضية مطمئنة وليعلم أنه يجب عليه أن يضحي بأمور كثيرة في طريقه إلى الله ورسوله، وأن الجمع بين كل أمور الدنيا وكل طاعة لله ورسوله أمر مستحيل، ألم تر أن الله- سبحانه وتعالى- قد أمر التاجر أن يترك تجارته عند النداء إلى الصلاة من يوم الجمعة أليس في هذه التجارة مربح له كما يعتقد؟ ألم تر أن الله قد أمرنا أن ندع الطعام والشراب من طلوع الفجر حتى غروب الشمس شهرا كاملا، وهو ما قد يؤثر سلبا على قضاء البعض لمصالحه الدنيوية، وغير ذلك كثير، وشاهده من الآية التي معنا أن المستأذن لعذر قد لا يؤذن له.
[الفائدة الخامسة:]
استغفار النبي صلى الله عليه وسلّم لأصحابه وهو قطعا أرجى في القبول من استغفار الصحابة لأنفسهم، ولذلك أمر الله- سبحانه وتعالى- النبي صلى الله عليه وسلّم بالاستغفار لمن أذن له بالذهاب، وهذا يدل أيضا على حب الله- سبحانه وتعالى- للصحابة رضي الله عنهم والأمر بكل ما من شأنه أن ينقيهم من اثار ارتكاب الذنوب أو تركهم للأولى من الأمور.
٢- اداب زيارته والدخول عليه في بيته صلى الله عليه وسلّم:
كما علم الله- سبحانه وتعالى- الأمة ما ينبغي عليهم اتباعه والتحلي به عند مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلّم أو الاستئذان منه، علمهم أيضا اداب دخول بيوته صلى الله عليه وسلّم كما سنرى:
[أولا: أسباب نزول الآية الكريمة:]
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (لما تزوّج رسول الله صلى الله عليه وسلّم زينب بنت جحش دعا القوم