للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإعجاب، ورد في الحديث «١» : «مر أبا بكر فليعبد ربه في داره وليقرأ ما شاء ولا يستعلن به فإنا نخشى أن يفتن نساءنا وأبناءنا» أما حال من سمع القرآن من أهل مكة فقد ورد في الحديث: «ثم بدا لأبي بكر فابتنى مسجدا بفناء داره وكان يصلي فيه ويقرأ القرآن فينقذف عليه نساء المشركين وأبناؤهم وهم يعجبون منه وينظرون إليه» ، ومعنى «ينقذف» وما ورد في بعض الروايات «فيتقصف» فمعناه: يزدحمون عليه حتى يسقط بعضهم على بعض فيكاد ينكسر؛ كما ذكر الحافظ. رحمه الله «٢» .

٥. من شيم الرجل المؤمن الصالح أن يكون رقيق القلب، ومن علامة رقة القلب، البكاء من سماع القرآن أو تلاوته. ولا يتسنى للعبد ذلك إلا بجمع التدبر والخشوع والإخلاص.

٦- وجوب الأخذ بالأسباب الموصلة شرعا أو قدرا إلى مراد الإنسان، وأن هذا لا يقدح في التوكل على الله، بل هو من علامات التوكل الصحيح، ومن لم يأخذ بالأسباب مدعيا التوكل على الله. تبارك وتعالى. فقد قدح في نبي هذه الأمة وصاحبه الصديق، ألم تر كيف أعد أبو بكر رضي الله عنه الراحلتين والزاد والطعام والشراب للهجرة المباركة، ألم تر إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم كيف أخذ بكل أسباب السلامة في الهجرة، فاستأجر الدليل وأمن العيون وعمّى على المشركين، ولما عجز أن يرد من يطلبه دعا ربه أن يصرعه. وكان الله. تبارك وتعالى.

قادرا على أن يكفيه مثل هذا العناء في الهجرة، فيرسل له الروح القدس بالبراق، ولكن أراد الله. سبحانه وتعالى. أن يعلم الأمة دروسا وعبرا.

٧. من السنة أن ينفق الإنسان من ماله الخاص، خاصة في العبادات التي فيها إنفاق مال، كالحج والعمرة والجهاد والهجرة، ما استطاع إلى ذلك سبيلا، وألا يكون عالة على غيره، علمناه من إصرار النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يدفع لأبي بكر رضي الله عنه ثمن الراحلة.

٨. ومن السنة أيضا وجوب إكرام أهل العلم والفضل وإيثارهم على النفس، وأن هذا شائع بين الناس؛ لأن الأنصار. رضي الله عنهم. ما عرفوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى ظلل عليه أبو بكر بردائه يحميه من أشعة الشمس.

٩. عظيم أمر المسجد في الإسلام، حيث كان أول عمل قام به النبي صلّى الله عليه وسلّم في المدينة.

١٠. مشروعية الإنشاد أثناء العمل، وفائدته أنه يقوي الهمم ويشحذ العزائم، ويسن


(١) سبق تخريجه.
(٢) انظر فتح البارى (٧/ ٢٣٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>