ب- أن يتولى الله- عز وجل- أمر تزويج النبي صلّى الله عليه وسلّم، وينسب ذلك إلى نفسه الكريمة المقدسة، قال تعالى: زَوَّجْناكَها.
ج- تنويع الله- عز وجل- لنبيه صلّى الله عليه وسلّم صور زواجه، فقد أحل الله له، أن يتزوج بمن وهبت نفسها له وأن يتزوج وهو محرم، ثم يكون غاية التكريم والتشريف أن يزوّجه الله بنفسه بدون ولي ولا شهود ولا حتى مهر، وتدبر حال النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو يدخل على امرأة أجنبية عليه بدون إذن ويخبرها أنه زوجها، ورد في الحديث:(ونزل القرآن وجاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فدخل عليها بغير إذن) ، وهل بعد إذن الله من إذن؟ وهل أمر هذا الزواج يحتاج إلى إشهار وشهود بعد إعلان القرآن.
وهذا التنويع في صور الزواج للنبي صلّى الله عليه وسلّم دون غيره من أفراد الأمة، إنما يدل على شرفه وفضله، وإرادة الله الشرعية في التوسعة عليه.
٢- بيان أن كل ما يخص النبي صلّى الله عليه وسلّم من عادات أو عبادات تعدّ من الأمور العظيمة التي يتولى الله- عز وجل- معالجتها، كأمر الزواج وتحزّب النساء عليه، وتأدب أصحابه معه وكيفية دعائه، وآداب الاستئذان منه، وآداب دخول حجراته لتناول الطعام، وكذا الرد على مبغضيه، وغير ذلك كثير مما ذكرته في مواضع مختلفة من هذا الكتاب.
٣- إبلاغ النبي صلّى الله عليه وسلّم أمته بهذه الآية، لهو من أكبر دلائل نبوته صلّى الله عليه وسلّم، وأكبر برهان أنه يتلقى القرآن من لدن حكيم عليم، وأنه صلّى الله عليه وسلّم لا يسعه، بل لا يستطيع أن يكتم شيئا من الوحي المنزل، ولو كان بمقدوره أن يكتم شيئا لكتم قوله تعالى: وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ.
٤- في الآية دليل على اعتناء الله- عز وجل- بتربية نبيه صلّى الله عليه وسلّم تربية ربانية لا تقبل أدنى أدنى التفات عن الحق، فالله- عز وجل- قد صوب نبيه صلّى الله عليه وسلّم، لما أمر زيدا أن يبقى على زوجته، مع علمه أن الله قد قضى بطلاقها، وفيه أيضا أن الله لا يستحي من الحق، فمع حب الله العظيم لنبيه صلّى الله عليه وسلّم، وعلم الله- تبارك وتعالى- أن الأمر كان صعبا جدّا على النبي صلّى الله عليه وسلّم، إلا أن الله أوحى لنبيه باية قد تكون هي الأشد وقعا على قلب النبي صلّى الله عليه وسلّم.
وأقول: إن بعض العلماء- رحمهم الله تعالى ونفعنا بعلمهم- يذكرون دائما هذه القصة من باب تزكية أم المؤمنين زينب بنت جحش، من حيث كونها الزوجة الوحيدة، التي زوّجها الله من فوق سبع سماوات، وأنا أقر لها بهذا الفضل العظيم المبارك، وحقّ لها أن