٢- جاءت الآية الكريمة بلفظ: أَمْراً، نكرة للتقليل، لتفيد أي أمر وإن صغر، فبذلك أوجبت الآية الطاعة في كل الأمور.
٣- نفت الآية الكريمة عن كل ذكر أو أنثى قد لبس لباس الإيمان أن يكون له حق الاختيار في أوامر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فبينت الآية الكريمة أن العقل ليس له مجال في تلك الأوامر، من حيث اختيار الفعل وعدمه، أي أن العقل لم يخلق لمثل هذا، إنما خلق لتدبر الأمر من حيث كيفية تنفيذه على الهيئة التي يرضاها الله ورسوله.
وأهمس في أذن العقلانيين فأقول لهم: إذا كان العقل لم يخلق لمثل هذا الاختيار (وهو أفعل أو لا أفعل) فمن باب أولى لم يخلق للحكم على شرع الله الحكيم الخبير (أصالح هو أم لا) حاشا لله- سبحانه وتعالى-.
٤- نسبت الآية الكريمة الأمر الذي ليس للمؤمنين اختيار فيه إلى أنفسهم فقالت:
مِنْ أَمْرِهِمْ؛ لتدلل على أن المؤمن ليس له اختيار في طاعة الله ورسوله، وعليه أن ينطرح بين يدي ربه يصرف له أموره ويدبر له شئونه، ليس في شئون العبادات وحدها ولكن في أخص شئونه المنسوبة إليه، وأفسر ذلك فأقول: ليس للمؤمن حق أن يقول: هذا أمر خاص بي أفعل فيه ما أشاء إذا كان لله ورسوله في هذا الأمر حكم وأمر، وهل هناك أمر أخصّ من زواج المرأة، التي نزلت الآية بشأنها؟!.
٥- من أبلغ مظاهر تعظيم الآية لطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ما جاء في ختامها وهي قوله- تعالى.: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِيناً، فهو حكم إلهي على كل من أبى طاعة الله ورسوله في أموره العامة والخاصة وفي عاداته وعبادته بالضلال في الدنيا والآخرة، وهذا الضلال من شناعته وعظم أمره أنه ضلال بيّن ظاهر لا يخفى على أحد، ولكن الشيطان يوحي لأوليائه أنهم على الحق ويزين لهم ذلك بينما هم في ضلال مبين.
وأختم هذه الفائدة بكلام نفيس للشيخ السعدي- رحمه الله- يجمل ما قلت ويؤكده، قال رحمه الله: (لا ينبغي ولا يليق ممن اتصف بالإيمان، إلا الإسراع في مرضاة الله ورسوله، والهرب من سخط الله ورسوله، وامتثال أمرهما، واجتناب نهيهما، فلا يليق بمؤمن ولا مؤمنة: إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً من الأمور، وحكما به وألزما به أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ، أي: الخيار هل يفعلونه أم لا؟ بل يعلم المؤمن والمؤمنة، أن الرسول أولى به من نفسه، فلا يجعل بعض أهواء نفسه حجابا بينه وبين أمر الله ورسوله وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِيناً، أي: بينّا، لأنه ترك الصراط المستقيم الموصلة إلى كرامة الله، إلى