١- أن الشريعة الإسلامية الغراء لم تبتدع تعدد الزوجات، فقد كان ذلك الأمر موجودا ومتعارفا عليه، لا أقول: قبل الإسلام ولكن كان موجودا على مدى العصور، فما فعلته الشريعة الغراء أن قيدت عدد الزوجات بأربعة فقط وأمرت بتسريح بقية النساء، وقيدت الزواج نفسه بشروط، منها العدل في القسم، والقدرة على الإنفاق، قال تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ [النساء: ٣] ، والعدل المقصود هنا ليس هو العدل المشار إليه في قوله تعالى: وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ [النساء: ١٢٩] ، فالعدل في الآية الأولى يقصد به العدل في النفقة والقسمة، وغير ذلك من الأمور التي بيد الرجل، أما العدل في الآية الثانية فالمقصود به العدل في حب القلب، وهذا غير ممكن، لأن القلب لا إرادة للإنسان فيه، وعجبت من الذين يجعلون العدلين أمرا واحدا، فيقولون: أمرنا الله بالعدل في الآية الأولى، وحكم باستحالة هذا العدل في الآية الثانية وينبني على ذلك- عندهم- عدم جواز تعدد الزوجات.
٢- ولكن إذا ثبت وجود الضرر للزوجة من التعدد، والله يعلم ذلك، فلماذا أباح الله- عز وجل- التعدد؟، أقول:
٣- قبل كل شيء يجب علينا، رجالا ونساء، أن نسلّم لحكم الله- عز وجل- وأن نقول كما علّمنا الله تعالى: وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ [البقرة:
٢٨٥] ، يجب علينا الرضى والقبول، لأننا أولا وأخيرا عباد لله رضينا به ربّا، فكيف لا نرضى به إلها يحكم ويشرع، ويجب علينا أن نعلم أنه سبحانه وتعالى ما شرع التعدد إلا لحكمة بالغة أدركها من أدركها، وغفل عنها من غفل، وليس من الأدب أن نرضى بحكم الله إذا وافق مصالحنا، ونسخط ونعترض إذ لم يأت على هو انا وما نحب، كلا والله، الأمر كله لله، قال عز من قائل: أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ [الأعراف: ٥٤] ، وقد ذم الله- عز وجل- من يسخط على حكمه إذا لم يجد هوى في نفسه، أو يوافق مصلحة له، ويرضى نفس الشخص، إذا كان الحكم في صالحه فقال في الحالة الأولى:
وَإِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ [النور: ٤٨] ، وقال في الحالة الثانية: وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ [النور: ٤٩] .
٤- أقول للزوجة: إن من حقك قبل الزواج أن تشترطي على الزوج في العقد أن لا