للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢- الحكم على من فعلت هذا من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بالخيبة والخسران، ولو كانت ابنته، ورد في رواية أخرى عند البخاري: «قد خبت وخسرت» .

٣- حكمه رضي الله عنه، بل أقول: اعتقاده، أن من أغضب الرسول صلى الله عليه وسلم فقد أغضب الله ومن ثمّ يهلك، ورد في إحدى روايات البخاري: «أفتأمنين أن يغضب الله لغضب رسوله فتهلكين» .

٤- مبادرته للذهاب إلى ابنته لمراجعتها في سلوكها مع النبي صلى الله عليه وسلم، ورد في الحديث: «ثم جمعت عليّ ثيابي فدخلت على حفصة فقلت: أي حفصة أتغاضب إحداكن رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم حتى الليل؟!» «١» . بل تعدى الأمر إلى إنكار الفاروق رضي الله عنه على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، ورد عند مسلم: (فدخلت على عائشة فقلت: يا بنت أبي بكر أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! فقالت: مالي ومالك يا ابن الخطاب عليك بعيبتك) . تقصد حفصة رضي الله عنها.

٥- تقديمه رضي الله عنه رضى النبي صلى الله عليه وسلم على رضى كل أحد، ولو كانت ابنته، ولو وصل الأمر أن إرضاء النبي صلى الله عليه وسلم لا يكون إلا بقتل ابنته حفصة، لقتلها وباشر ذلك بنفسه، ورد عند مسلم: (فقلت: يا رباح استأذن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني أظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظن أني جئت من أجل حفصة، والله لئن أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بضرب عنقها لأضربن عنقها) .

٦- حرصه رضي الله عنه ألايصيب النبيّ صلى الله عليه وسلم أدنى إيذاء من جهة ابنته حفصة رضي الله عنها، مع حرصه أيضا على نصحها أبلغ نصيحة في كيفية معاملة النبي صلى الله عليه وسلم، حتى تضمن رضاه عنها، فقال لها- كما ورد في رواية البخاري-: (لا تستكثري على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تراجعيه في شيء، ولا تهجريه، وسليني ما بدا لك) . وأعتقد أن عمر رضي الله عنه كان يريد من أمهات المؤمنين- رضي الله عنهنّ- أن يعاملن النبي صلى الله عليه وسلم المعاملة التي تنبغي له كنبي من عند الله، لا معاملة زوج لزوجه، وأكبر دليل على ذلك أنه ربط غضب النبي صلى الله عليه وسلم بغضب الله- سبحانه وتعالى- ومن ثم الهلاك، ورفض مبدأ المراجعة أو الهجر، وقد أطلت في الكلام عن الفاروق رضي الله عنه؛ ليعلم القارئ الكريم كيف كان الصحابة- رضي الله عنهم- جميعا يرون النبي صلى الله عليه وسلم في أعينهم، ومهما قلت وحاولت التقريب فحقيقة الأمر أجل وأعظم


(١) البخاري، كتاب: المظالم والغصب، باب: الغرفة والعلية المشرفة وغير المشرفة، برقم (٢٤٦٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>