للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْكَ عَظِيماً

[النساء: ١١٣] ، والحكمة من أجمل وأتم الصفات التي يمكن أن تسمى بها الأشياء لكثرة وكمال معانيها، فالحكمة لها معان كثيرة، ومنها:

هي القول المأثور وهي الحصافة، وهي جودة الرأي، وهي كمال القوة النظرية.

وقد فسر العلماء المراد من الحكمة التي تعطف على الكتاب في ايات القران الكريم بمعان كثيرة ولكنها متشابهة تدور كلها حول السنة وما علّمه النبي صلى الله عليه وسلّم لأصحابه رضي الله عنهم، فقد قال ابن كثير- رحمه الله- تعالى-: وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ هو القران، وَالْحِكْمَةِ وهي السنة) .

وقال في تفسير قوله- تعالى-: وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ [ال عمران: ١٦٤] : (والحكمة يعني: السنة. قاله الحسن، وقتادة، ومقاتل بن حيان، وأبو مالك وغيرهم وقيل: الفهم في الدين، ولا منافاة) «١» .

وقال الشيخ السعدي في تفسيره: (قوله- تعالى-: وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً (٣٤) [الأحزاب: ٣٤] ، المراد بايات الله القران، والحكمة أسراره أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلّم) «٢» ، وقال في تفسير الحكمة التي ورد ذكرها في سورة الجمعة: (أي علم القران وعلم السنة المشتمل على علوم الأولين والآخرين) «٣» .

والذي يبين بجلاء عظيم أمر السنة ومكانتها في هذا الدين أن إبراهيم عليه السّلام دعا ربه أن يبعث في هذه الأمة رسولا يعلمها الكتاب والحكمة، قال الله- تعالى- على لسان إبراهيم: رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٢٩) [البقرة: ١٢٩] .

وقال القرطبي- رحمه الله تعالى- في تفسير هذه الآية الكريمة ما نصه: (الكتاب القران، والحكمة المعرفة بالدين والفقه في التأويل، والفهم الذي هو سجية ونور من الله- تعالى-، قاله مالك ورواه ابن وهب وقاله ابن زيد، وقال قتادة: الحكمة السنة وبيان الشرائع، وقيل: الحكم والقضاء خاصة، والمعنى متقارب ونسب التعليم إلى النبي صلى الله عليه وسلّم من حيث هو يعطي الأمور التي ينظر فيها ويعلم طريق النظر بما يلقيه الله إليه من وحيه) «٤» .


(١) انظر «تفسير القران العظيم» (١/ ١٨٥) .
(٢) انظر «تيسير الكريم الرحمن» ص (٦٦٤) .
(٣) انظر «تيسير الكريم الرحمن» ص (٨٦٢) .
(٤) انظر «الجامع لأحكام القران» (٢/ ١٣١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>