أ- أنه كان يكفي أن يلهم الله نبيه صلّى الله عليه وسلّم أنه سمع دعاءه ولن يخزيه.
ب- كان يكفي أن يرسل الله جبريل ليخبر النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه سمع دعاءه واستجاب له، ولكن الله من عظيم اعتنائه بسيد البرية، أرسل جبريل أولا، ليسأل النبي صلّى الله عليه وسلّم عما يبكيه، والله أعلم به، ثم يرسله مرة أخرى ليعلمه إجابة دعائه. ولا يخفى على المتأمل في هذه الوقفة مدى حفاوة الله بنبيه صلّى الله عليه وسلّم.
٢- أمر الله جبريل عليه السلام أن يسأل النبي صلّى الله عليه وسلّم عما يبكيه، فكأن بكاء النبي صلّى الله عليه وسلّم هو الذي كان وراء إرسال جبريل، ولا يخفى أيضا أن هذا من عظيم اعتناء الله برسوله، حيث إن بكاءه كان سببا في حديث الله مع جبريل، وإرسال جبريل مرتين إلى الأرض، ونعرف قدر المعتنى به من عظيم قدر المعتني.
٣- كانت الإجابة عقب الدعاء، يدلّنا على ذلك استخدام الفاء، في قوله: (فقال الله عز وجل-: يا جبريل) مما يشعر بعدم وجود فاصل زمني بين الدعاء والإجابة، وهذا يدل على شدة الاعتناء، ويؤكد أنه كان سماعا خاصّا.
٤- كمال الإجابة، ويتمثل في:
أ- توجيهها مباشرة من الله- عز وجل- إلى رسوله، ولم يكن لجبريل دخل فيها أو واسطة، قال تعالى: «فقل: إنا سنرضيك» ، ولم يقل الله: (فقل له: إني سأرضيه) .
ب- استخدام لفظ: «سنرضيك» دون غيره؛ لأن الحرص على الإرضاء، لا يكون إلا ممن يحب لمن أحب، ويدل اللفظ على أن مراد الله هو أن ينال النبي صلّى الله عليه وسلّم غاية ما يتمناه، ويفرحه ويقر عينه في الآخرة كما أقر عينه غاية الإقرار في الدنيا، ونلمح أنه لم يقل له:
سنفرحك في أمتك، لأنه قد يحدث الفرح مع عدم حدوث الرضى الكامل.
ج- إيراد ألفاظ، سنرضيك وأمتك ولا نسوءك، بكاف المخاطبة، يشعر أن هذه الإجابة التي تتمثل في رحمة الله بهذه الأمة، إنما كان تشريفا وإكراما لنبيها صلّى الله عليه وسلّم، خصوصا أنها نزلت بعد بكائه ودعائه.
د- نصت الإجابة على أمرين، هما الإرضاء وعدم المساءة؛ لأن الإرضاء قد يحدث بالعفو عن بعض أفراد الأمة ويدخل الباقي النار، لكن بعدم المساءة ضمن النبي صلّى الله عليه وسلّم أن لن يبقى أحد من أمته مخلدا في النار.
هـ- استخدام لفظ: «ولا نسوءك» يدل على الحرص على عدم إصابة النبي صلّى الله عليه وسلّم بأدنى ما