للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاريات وحور مقصورات، وزينة من الفضيات، وملابس من الحريرات، وأكواب مذهبات، ونمارق من الاستبرق مشغولات، فضلا عن رؤية وجه الله العظيم، وصحبة النبي الكريم، ومجالسة الصحب الميامين، مع ما أعده الرب الشكور من دائم السرور وعميم الحبور.

٤- عظيم وفاء النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه رضي الله عنهم جميعا، خاصة أبا بكر، صدّيق هذه الأمة، وسابقها لكل خير، ودليله من الحديث: «إن من أمنّ الناس عليّ في صحبته وماله أبا بكر ولو كنت متخذا خليلا من أمتي لاتخذت أبا بكر» «١» ، وهذا منتهى الوفاء والاعتراف بفضل أهل الخير وردّ صنيعهم بما هو أجمل وأكمل. وقد ذكر صاحب الفتح أن معنى: «إن من أمنّ الناس عليّ» أي أبذل الناس لنفسه وماله؛ لأن المن هنا بمعنى العطاء والبذل، لا بمعنى المنة التي تفسد الصنيعة.

وكان من مظاهر رد النبي صلى الله عليه وسلم لأيادي أبي بكر البيضاء على الإسلام والمسلمين ما يلي:

أ- وجّه النبي صلى الله عليه وسلم الخطاب إليه، وهو على المنبر، بقوله: «يا أبا بكر لا تبك» كما في إحدى روايات البخاري، وهي منقبة عظيمة لأبي بكر، رضي الله عنه، حيث ناداه بكنيته، وواساه في حزنه بأمره بعدم البكاء وذكر فضله.

ب- أثبت له النبي صلى الله عليه وسلم أنه أكثر الصحابة صحبة وملازمة له، صلى الله عليه وسلم، وأكثرهم إنفاقا، ودليله: «إن من أمن الناس عليّ في صحبته وماله أبا بكر» .

ج- أثبت النبي صلى الله عليه وسلم أهلية أبي بكر لأن يكون خليلا له، لولا وجود المانع، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم، خليل الرحمن، قال: «ولو كنت متخذا خليلا من أمتي لاتخذت أبا بكر خليلا» ، ولو أن في الصحابة من هو أفضل صحبة للنبي صلى الله عليه وسلم لكان هو أولى من أبي بكر رضي الله عنه بخلة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن المقام بيان فضل الناس ولا ينبغي في حقه صلى الله عليه وسلم رفع المفضول على الفاضل.

د- أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإغلاق جميع الأبواب التي تفتح بيوت الصحابة على المسجد، إلا باب أبي بكر الصديق، قال صلى الله عليه وسلم: «لا يبقين في المسجد خوخة إلى خوخة أبي بكر» ، وفي رواية عند البخاري: «لا يبقين في المسجد باب إلا سدّ إلا باب أبي بكر» «٢» ، وهي منقبة عظيمة لأبي بكر، رضي الله عنه، وقد يكون من أسباب الأمر بسد جميع الأبواب، هو إظهار فضل


(١) رواه البخاري، كتاب الصلاة، باب: الخوخة والممر في المسجد، برقم (٤٦٦) .
(٢) سبق تخريجه قريبا.

<<  <  ج: ص:  >  >>