مثل هذا الحرص على التتبع في يوم عظيم كيوم الفتح، قد ينشغل فيه الناس بأمور كثيرة غيرها، ولكن الصحابة. رضي الله عنهم. ما كان عندهم أمر أعظم من تتبع السنة، ومن مظاهر ذلك:
أ. سؤال عبد الله بن عمر رضي الله عنه بلالا هل صلّى النبي صلّى الله عليه وسلّم داخل الكعبة وأين صلى؟ وكان يحتاج إلى أن يعرف كم صلى، ولكن نسي أن يسأل، روى الشيخان في صحيحهما:«عن ابن عمر. رضي الله عنهما. قال: أقبل النّبيّ الصلاة عام الفتح وهو مردف أسامة على القصواء ومعه بلال وعثمان بن طلحة حتّى أناخ عند البيت ثمّ قال لعثمان: «ائتنا بالمفتاح فجاءه بالمفتاح» ففتح له الباب، فدخل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأسامة وبلال وعثمان، ثمّ أغلقوا عليهم الباب فمكث نهارا طويلا ثمّ خرج وابتدر النّاس الدّخول فسبقتهم فوجدت بلالا قائما من وراء الباب، فقلت له: أين صلّى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال:
صلّى بين ذينك العمودين المقدّمين، وكان البيت على ستّة أعمدة سطرين، صلّى بين العمودين من السّطر المقدّم، وجعل باب البيت خلف ظهره واستقبل بوجه الّذي يستقبلك حين تلج البيت بينه وبين الجدار قال: ونسيت أن أسأله كم صلّى؟ وعند المكان الّذي صلّى فيه مرمرة حمراء» «١» .
ب. معرفة عبد الله بن عمر. رضي الله عنهما. أن النبي صلّى الله عليه وسلّم صلى كل الصلوات يوم الفتح بوضوء واحد، يلزم من ذلك أنه رضي الله عنه قد علم أحوال النبي صلّى الله عليه وسلّم كل الأيام السالفة وحاله ذلك اليوم، وهذا يحتاج إلى مراقبة النبي صلّى الله عليه وسلّم طوال يوم الفتح ليعلم هل توضأ أم لا.
ولا شك أن هذا التتبع والحرص على العلم واقتفاء أثر النبي صلّى الله عليه وسلّم حتى في مكان صلاته لهي منقبة عظيمة لعبد الله بن عمر. رضي الله عنهما..