أثبته، ولم يعط ابن مسعود شيئاً. وهذا هو الحق الذي جاء به الحديث المتفق عليه، فلا يعارض بما رواه الإمام أحمد، وأبو داود عن مسعود "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نفله سيف أبي جهل يوم بدر" لأنه من رواية ابنه أبي عبيدة، ولم يسمع منه، وكذلك المقدم للقتل صبراً لا يستحق قاتله سلبه؛ لأن النَّبي لي أمر بقتل النضر بن الحارث العبدري، وعقبة بن أبي معيط الأموي صبراً يوم بدر، ولم يعط من قتلهما شيئاً من سلبهما.
واختلفوا فيمن أسر أسيراً: هل يستحق سلبه إلحاقاً للأسر بالقتل أو لا؟ والظاهر أنه لا يستحقه، لعدم الدليل؛ فيجب استصحاب عموم:{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ} الآية، حتى يرد مخصص من كتاب أو سنة صحيحة، وقد أسر النَّبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون أسارى بدر، وقتل بعضهم صبراً كما ذكرنا، ولم يعط أحداً من الذين أسروهم شيئاً من أسلابهم، ولا من فدائهم، بل جعل فداءهم غنيمة.
أما إذا قاتلت المرأة، أو الصبي المسلمين: فالظاهر أن لمن قتل أحدهما سلبه؛ لأنه حينئذ ممن يجوز قتله، فيدخل في عموم "من قتل قتيلاً" الحديث، وبهذا جزم غير واحد؛ والعلم عند الله تعالى.
واعلم أن العلماء اختلفوا في استحقاق القاتل السلب، هل يشترط فيه قول الإمام:"من قتل قتيلاً فله سلبه"؟ ! أو يستحقه مطلقاً قال الإمام ذلك أو لم يقله. وممن قال بهذا الأخير: الإمام أحمد، والشافعي، والأوزاعي، والليث وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور، والطبري، وابن المنذر.