للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إعرابه حالًا. وقد زاد هذا المعنى إيضاحًا في سورة "لقمان" في قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ} الآية. وقد دلت هذه الآيات على أن كلماته تعالى لا نفاد لها سبحانه وتعالى علوًا كبيرًا.

• قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ}.

أمر جل وعلا نبيه - صلى الله عليه وسلم - في هذه الآية الكريمة أن يقول للناس: {إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} أي: لا أقول لكم إني ملك ولا غير بشر، بل أنا بشر مثلكم أي بشر من جنس البشر، إلا أن الله تعالى فضلني وخصني بما أوحى إلي من توحيده وشرعه. وقوله هنا: {يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} أي فوحدوه، ولا تشركوا به غيره. وهذا الذي بينه تعالى في هذه الآية، أوضحه في مواضع أخر، كقوله في أول "فصلت": {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (٦) الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (٧) وقوله تعالى: {قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إلا بَشَرًا رَسُولًا (٩٣)} وقوله: {قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إلا مَا يُوحَى إِلَيَّ .. } الآية. وهذا الذي أمر الله به نبيه - صلى الله عليه وسلم - في هذه الآية من أنه يقول للناس: إنه بشر، ولكن الله فضله على غيره بما أوحى إليه من وحيه جاء؛ مثله عن الرسل غيره صلوات الله وسلامه عليهم في قوله تعالى: {قَالتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} الآية. فكون الرسل مثل البشر من حيث أن أصل الجميع وعنصرهم واحد، وأنهم تجري على جميعهم الأعراض البشرية، لا ينافي تفضيلهم على سائر البشر بما خصهم الله به من وحيه واصطفائه