وعن السدي رحمه الله:{يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ} أي: نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - ثم ينكرونها، أي يكذبونه وينكرون صدقه.
وقد بين جل وعلا: أن بعثه نبيه - صلى الله عليه وسلم - فيهم من منن الله عليهم، كما قال تعالى:{لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ} الآية. وبين في موضع آخر: أنهم قابلوا هذه النعمة بالكفران. وذلك في قوله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (٢٨)}. وقيل: يعرفون نعمة الله في الشدة، ثم ينكرونها في الرخاء. وقد تقدمت الآيات الدالة على ذلك، كقوله: {فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ (٦٥)} ونحوها من الآيات - إلى غير ذلك من الأقوال في الآية.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة:{وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ} قال بعض العلماء: معناه أنهم كلهم كافرون، أطلق الأكثر وأراد الكل. قاله القرطبي والشوكاني.
وقال الشوكاني: أو أراد بالأكثر العقلاء دون الأطفال ونحوهم، أو أراد كفر الجحود، ولم يكن كفر كلهم كذلك، بل كان كفر بعضهم كفر جهل.
• قوله تعالى:{ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا} لم يبين تعالى في هذه الآية الكريمة متعلق الإذن في قوله: {لَا يُؤْذَنُ} ولكنه بين في (المرسلات) أن متعلق الإذن الاعتذار، أي: لا يؤذن لهم في الاعتذار؛ لأنهم ليسِ لهم عذر يصح قبوله، وذلك في قوله: {هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ (٣٥) وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (٣٦)}.