دار الدنيا إذا قيل لهم: {لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (٣٥)} أي: يتكبرون عن قبولها, ولا يرضون أن يكونوا أتباعًا للرسل.
وهذا المعنى الذي دلت عليه هذه الآية الكريمة من كون ذلك هو سبب تعذيبهم بالنار دلت عليه آيات، كقوله تعالى مبينًا دخلوهم النار: {ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ (١٢)} وقوله تعالى في ذكر صفات الكفار وهم أهل النار: {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (٤٥)}.
قد قدمنا تفسيره مع ذكر الآيات على معناه في سورة المائدة في الكلام على قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠)} وبينا هنا كلام أهل العلم في نجاسة عين خمر الدنيا دون خمر الآخرة، وأن ذلك يشير إليه قوله تعالى: {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (٢١)}.