للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

• قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٤)}.

قد ذكرنا قريبًا أن قوله: {مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَينَهُمَا إلا بِالْحَقِّ} يتضمن البرهان القاطع على صحة معنى لا إله إلَّا الله، وأن العلامة الفارقة بين المعبود بحق وبين غيره هي كونه خالقًا، وأول سورة الأحقاف هذه يزيد ذلك إيضاحًا؛ لأنه ذكر من صفات المعبود بحق أنَّه خلق السماوات والأرض وما بينهما بالحق، وذكر من صفات المعبودات المعبودات الأخرى التي عبادتها كفر مُخَلِّدٌ في النار أنَّها لا تخلق شيئًا.

فقوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} أي هذه المعبودات التي تعبدونها من دون الله (أروني ماذا خلقوا من الأرض)، فقوله: (أروني)؛ يراد بها التعجيز والمبالغة في عدم خلقهم شيئًا.

وعلى أن {مَا} استفهامية، {وَذَا} موصولة، فالمعنى: أروني ما الذي خلقوه من الأرض، وعلى أن {مَا} و {وَذَا} بمنزلة كلمة واحدة يراد بها الاستفهام، فالمعنى: أروني أي شيء خلقوه من الأرض.

وما تضمنته هذه الآية الكريمة من أن من لم يخلق شيئًا في الأرض ولم يكن له شرك في السماوات، لا يصح أن يكون معبودًا بحال، جاء موضحًا في آيات كثيرة، كقوله تعالى في فاطر: {قُلْ أَرَأَيتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي