وقرأ حمزة والكسائي:(إنهم هم الفائزون) بكسر همزة إن، وعلى قراءتهما فمفعول جزيتهم محذوف؛ أي: جزيتهم جنتي إنهم هم الفائزون، وعلى هذه القراءة فإن لاستئناف الكلام. وقرأ الباقون:(أنهم هم الفائزون) بفتح همزة أن. وعلى قراءة الجمهور هذه فالمصدر المنسبك من أن وصلتها مفعول به لجزيتهم؛ أي: جزيتهم فوزهم كما لا يخفى. والفوز نيل المطلوب الأعظم.
في هذه الآية سؤال معروف: وهو أنهم لما سئلوا يوم القيامة عن قدر مدة لبثهم في الأرض في الدنيا أجابوا بأنهم لبثوا يومًا أو بعض يوم مع أنه قد دلت آيات أخر على أنهم أجابوا بغير هذا الوجوب، كقوله تعالى: {يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا (١٠٣)} والعشر أكثر من يوم، أو بعضه، وكقوله تعالى:{وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ} والساعة: أقل من يوم أو بعضه، وقوله: {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (٤٦)} وقوله: {كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ} وقوله تعالى: {لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ (٣٥)}.
وقد بينا الجواب عن هذا السؤال في كتابنا: دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب في الكلام على هذه الآية بما حاصله: أن بعضهم يقول: لبثنا يومًا أو بعض يوم، ويقول بعض آخر منهم: لبثنا ساعة، ويقول بعض آخر منهم: لبثنا عشرًا.
والدليل على هذا الجواب من القرآن أنه تعالى بين أن أقواهم