فالجواب أن معنى كلامنا: أن الطلقات في حديث طاووس لا يتعين كونها بلفظ واحد، ولو فرضنا أنها بلفظ واحد، فجعلها واحدة منسوخ. هذا هو ما ظهر لنا في هذه المسألة. والله تعالى أعلم، ونسبة العلم إليه أسلم.
• قوله تعالى:{فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} لم يبين في هذه الآية، ولا في غيرها من آيات الطلاق حكمة كون الطلاق بيد الرجل دون إذن المرأة، ولكنه بين في موضع آخر أن حكمة ذلك أن المرأة حقل تزرع فيه النطفة، كما يزرع البذر في الأرض، ومن رأى أن حقله غير صالح للزراعة فالحكمة تقتضي أن لا يرغم على الازدراع فيه، وأن يترك وشأنه؛ ليختار حقلا صالحا لزراعته، وذلك في قوله تعالى:{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} كما تقدم إيضاحه.
• قوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيتُمُوهُنَّ شَيئًا إلا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٢٩)} صرح في هذه الآية الكريمة بأن الزوج لا يحل له الرجوع في شيء مما أعطى زوجته، إلا على سبيل الخلع إذا خافا إلا يقيما حدود الله فيما بينهما، فلا جناح عليهما إذن في الخلع، أي: لا جناح عليها هي في الدفع، ولا عليه هو في الأخذ.
وصرح في موضع آخر بالنهي عن الرجوع في شيء مما أعطى الأزواج زوجاتهم، ولو كان المعطى قنطارا، وبين أن أخذه بهتان وإثم مبين، وبين أن السبب المانع من أخذ شيء منه هو أنه أفضى