{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ}، وقوله:{وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ} الآية، وقوله:{وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا .. } الآية، وقوله:{وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ} الآية، وأمثال ذلك. كل هذه الأفعال الماضية الدالة على الوقوع بالفعل فيما مضى: أطلقت مرادًا بها المستقبل؛ لأن تحقق وقوع ما ذكر صيره كالواقع بالفعل. وكذلك تسميته شيئًا قبل وجوده لتحقق وجوده بإرادة الله تعالى.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة:{وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ} قرأه عامة السبعة ما عدا حمزة والكسائي {خَلَقْتُكَ} بتاء الفاعل المضمومة التي هي تاء المتكلم. وقرأه حمزة والكسائي:(وقد خلقناك) بنون بعدها ألف، وصيغة الجمع فيها للتعظيم.
المراد بالآية هنا: العلامة، أي اجعل لي علامة أعلم بها وقوع ما بشرت به من الولد. قال بعض أهل العلم: طلب الآية على ذلك لتتم طمأنينته بوقوع ما بشر به. ونظيره على هذا القول قوله تعالى عن إبراهيم:{وَإِذْ قَال إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَال أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَال بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}. وقيل: أراد بالعلامة أن يعرف ابتداء حمل امرأته؛ لأن الحمل في أول زمنه يخفى.
وقوله في هذه الآية الكريمة: {آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَويًّا (١٠)} أي: علامتك على وقوع ذلك ألا تكلم الناس، أي أن تُمْنَع الكلام فلا تطيقه ثلاث ليال بأيامهن في حال كونك سويًّا، أي سوي الخلق، سليم الجوارح، ما بك خرس ولا بكم ولكنك