والله تعالى أعلم. ولا يتضح حمل الأحاديث المذكورة على من قدم الحلق جاهلا، أو ناسيا، وإن كان سياق حديث عبد الله بن عمرو المتفق عليه يدل على أن السائل جاهل، لأن بعض تلك الأحاديث الواردة في الصحيح ليس فيها ذكر النسيان ولا الجهل، فيجب استصحاب عمومها حتى يدل دليل على التخصيص بالنسيان والجهل، وقد تقرر أيضا في علم الأصول أن جواب المسئول لمن سأله لا يعتبر فيه مفهوم المخالفة؛ لأن تخصيص المنطوق بالذكر لمطابقة الجواب للسؤال، فلم يتعين كونه لإخراج المفهوم عن حكم المنطوق، وقد أشار له في مراقي السعود في مبحث موانع اعتبار مفهوم المخالفة بقوله عاطفا على ما يمنع اعتباره:
أو جهل الحكم أو النطق انجلب ... للسؤل أو جرى على الذي غلب
كما يأتي بيانه في الكلام على قوله تعالى:{الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} الآية. وبه تعلم أن وصف عدم الشعور الوارد في السؤال لا مفهوم له.
وقال الشوكاني في نيل الأوطار: وتعليق سؤال بعضهم بعدم الشعور لا يستلزم سؤال غيره به حتى يقال: إنه يختص الحكم بحالة عدم الشعور، ولا يجوز اطراحها بإلحاق العمد بها. وبهذا يعلم أن التعويل في التخصيص على وصف عدم الشعور المذكور في سؤال بعض السائلين غير مفيد للمطلوب، انتهى محل الغرض منه بلفظه.
• قوله تعالى:{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ} لم يبين هنا ما هذا الفضل الذي لا جناح في ابتغائه