ذكر في هذه الآية الكريمة: أن رحمته جل وعلا قريب من عباده المحسنين، وأوضح في موضع آخر صفات عبيده الذين سيكتبها لهم في قوله:{وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} الآية.
ووجه تذكير وصف الرحمة مع أنها مؤنثة في قوله:{قَرِيبٌ} ولم يقل: قريبة. فيه للعلماء أقوال تزيد على العشرة. نذكر منها إن شاء الله بعضاً، ونترك ما يظهر لنا ضعفه، أو بعده عن الظاهر.
منها: أن الرحمة مصدر بمعنى الرحم، فالتذكير باعتبار المعنى.
ومنها: أن من أساليب اللغة العربية أن القرابة إذا كانت قرابة نسب تعين التأنيث فيها في الأنثى، فتقول: هذه المرأة قريبتي، أي: في النسب، ولا تقول: قريب مني، وإن كانت قرابة مسافة جاز التذكير والتأنيث، فتقول: داره قريب وقريبة مني، ويدل لهذا الوجه قوله تعالى: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (١٧)} وقوله تعالى: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً (٦٣)} وقول امرئ القيس:
له الويل إن أمسى ولا أم هاشم ... قريب ولا البسباسة ابنة يشكرا
ومنها: أن وجه ذلك إضافة الرحمة إلى الله جل وعلا.
ومنها: أن قوله: {قَرِيبٌ (١٧)} صفة موصوف محذوف أي شيء قريب من المحسنين.