فتحصل من جميع هذا البحث أن الصفات من باب واحد، وأن الحق فيها متركب من أمرين:
والأول: تنزيه الله جل وعلا مشابهة الخلق.
والثاني: الإيمان بكل ما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله - صلى الله عليه وسلم - إثباتاً، أو نفياً. وهذا هو معنى قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)} والسلف الصالح رضي الله عنهم ما كانوا يشكون في شيء من ذلك، ولا كان يشكل عليهم، ألا ترى إلى قول الفرزدق وهو شاعر فقط، وأما من جهة العلم فهو عامي:
وكيف أخاف الناس والله قابض ... على الناس والسبعين في راحة اليد
ومراده بالسبعين: سبع سماوات، وسبع أرضين، فمن علم مثل هذا من كون السماوات والأرضين في يده جل وعلا أصغر من حبة خردل، فإنه عالم بعظمة الله وجلاله لا يسبق إلى ذهنه مشابهة صفاته لصفات الخلق، ومن كان كذلك زال عنه كثير من الإشكالات التي أشكلت على كثير من المتأخرين، وهذا الذي ذكرنا من تنزيه الله جل وعلا عما لا يليق به، والإيمان بما وصف به نفسه، أو وصف به رسوله - صلى الله عليه وسلم - هو معنى قول الإمام مالك -رحمه الله-: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والسؤال عنه بدعة.
ويروى نحو قول مالك هذا عن شيخه ربيعة بن أبي عبد الرحمن، وأم سلمة رضي الله عنها - والعلم عند الله تعالى-.