للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللزوم في أحد الطرفين لا يقتضي الملازمة في كليهما، ومطلق اللزوم تكون به الشرطية لزومية، أما إذا عُدِم اللزوم من أصله بين طرفيها فهي اتفاقية. ومثالها: كلما كان الإنسان ناطقًا كان الحمار ناهقًا. وبسبب عدم التنبه للفرق بين الشرطية اللزومية والشرطية الاتفاقية، ارتبك خلق كثير من النحويين والبلاغيين في الكلام على معنى "لو"؛ لأنهم أرادوا أن يجمعوا في المعنى بين قولك: "لو كانت الشمس طالعة لكان النهار موجودًا"، وبين قولك: "لو لم يخف الله لم يعصه"، مع أن الشرط سبب في الجزاء في الأول، لأنها شرطية لزومية، ولا ربط بينهما في الثاني لأنها شرطية اتفاقية، ولا شك أن من أراد أن يجمع بين المفترقين ارتبك، والعلم عند الله تعالى.

• قوله تعالى: {وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ}.

ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه غفور، أي كثير المغفرة، وأنه ذو الرحمة يرحم عباده المؤمنين يوم القيامة، ويرحم الخلائق في الدنيا.

وبين في مواضع أخر: أن هذه المغفرة شاملة لجميع الذنوب بمشيئته جل وعلا إلا الشرك؛ كقوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}، وقوله: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ}.

وبين في موضع آخر: أن رحمته واسعة، وأنه سيكتبها للمتقين؛ وهو قوله: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ .. } الآية.