الصحيح أن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- قال:"إن بالمدينة أقواما ما سرتم من مسير، ولا قطعتم من واد إلا وهم معكم فيه، قالوا: وهم بالمدينة يا رسول الله؟ قال: نعم حبسهم العذر" وفي هذا المعنى قال الشاعر:
يا ظاعنين إلى البيت العتيق لقد ... سرتم جسوما، وسرنا نحن أرواحا
إنا أقمنا على عذر وعن قدر ... ومن أقام على عذر فقد راحا
تنبيه: يؤخذ من قوله في هذه الآية الكريمة: {وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} أن الجهاد فرض كفاية، لا فرض عين؛ لأن القاعدين لو كانوا تاركين فرضا لما ناسب ذلك وعده لهم الصادق بالحسنى، وهي الجنة والثواب الجزيل.
• قوله تعالى:{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} الآية. قال بعض العلماء: المراد بالقصر في قوله: {أَنْ تَقْصُرُوا} في هذه الآية قصر كيفيتها، لا كميتها، ومعنى قصر كيفيتها: أن يجوز فيها من الأمور ما لا يجوز في صلاة الأمن، كأن يصلي بعضهم مع الإمام ركعة واحدة، ويقف الإمام حتى يأتي البعض الآخر فيصلي الركعة الأخرى، وكصلاتهم إيماء رجالا وركبانا، وغير متوجهين إلى القبلة، فكل هذا من قصر كيفيتها، ويدل على أن المراد هو هذا القصر من كيفيتها قوله تعالى بعده يليه مبينا له:{وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ} الآية. وقوله تعالى:{فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا}. ويزيده إيضاحًا أنه