ومعلوم أنه - صلى الله عليه وسلم - لا يتبع أهواء الذين لا يعلمون، ولكن النهي المذكور فيه التشريع لأمته، كقوله تعالى: {وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا (٢٤)}، وقوله تعالى: {فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (٨)}، وقوله: {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ (١٠)}، وقوله:{وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ}، وقوله:{لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} والآيات بمثل ذلك كثيرة.
وقد بينا الأدلة القرآنية على أنه - صلى الله عليه وسلم - يخاطب، والمراد به التشريع لأمته، في آية بني إسرائيل المذكورة.
وما تضمنته آية الجاثية هذه، من النهي عن اتباع أهوائهم، جد موضحًا في آيات كثيرة، كقوله تعالى في الشورى:{وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ}، وقوله تعالى في الأنعام: {فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (١٥٠)}، وقوله تعالى في القصص: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥٠)}، والآيات بمثل ذلك كثيرة معلومة.
وقد بين تعالى في قد أفلح المؤمنون أن الحق لو اتبع أهواءهم لفسد العالم، وذلك في قوله تعالى:{وَلَو اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ}.
والأهواء: جمع هَوَى بفتحتين، وأصله مصدر، والهمزة فيه مبدلة من ياء كما هو معلوم.