للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الضر دعوا الله وحده مخلصين له الدين، فإذا كشف عنهم الضر، وأزال عنهم الشدة إذا فريق منهم -وهم الكفار- يرجعون في أسرع وقت إلى ما كانوا عليه من الكفر والمعاصي. وقد كرر جل وعلا هذا المعنى في القرآن، كقوله في "يونس": {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ -إلى قوله- إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} وقوله في "الإسراء": {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا (٦٧)} وقوله في آخر "العنكبوت": {فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} وقوله في "الأنعام": {قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ (٦٤)} إلى غير ذلك من الآيات.

وقد قدمنا هذا في "سورة الأنعام" في الكلام على قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ} الآية.

• قوله تعالى: {فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٥٥)} صيغة الأمر في قوله: {فَتَمَتَّعُوا} للتهديد. وقد تقرر في "فن المعاني، في مبحث الإنشاء" وفي "فن الأصول، في مبحث الأمر" أن من المعاني التي تأتي لها صيغة إفعل التهديد، كقوله هنا: {فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٥٥)} وتشهد لهذا المعنى آيات أخر؛ كقوله: {قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (٣٠)} وقوله: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٣)} وقوله: {فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (٨٣)} وقوله: {كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ (٤٦)} وقوله: