للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تلقي عصا التسيار، ويذبح الموت، ويقال: يا أهل الجنة خلود فلا موت! ويا أهل النار خلود فلا موت! ويبقي ذلك دائمًا لا انقطاع له ولا تحول عنه إلى محل آخر.

فهذا معني وصفها بالآخرة؛ كما أوضحه جل وعلا بقوله: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (١٣) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (١٤) ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ (١٦)}.

تنبيه

أضاف جل وعلا في هذه الآية الكريمة الدار إلى الآخرة، مع أن الدار هي الآخرة بدليل قوله: {وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ} الآية، بتعريف الدار ونعتها بالآخرة في غير هذا الموضع. وعلي مقتضي قول ابن مالك في الخلاصة:

ولا يضاف اسم لما به اتحد ... معني وأول موهمًا إذا ورد

فإن لفظ: {الدَّارُ} بمسمي الآخرة. وقد بينا في كتابنا (دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب) في "سورة فاطر" في الكلام على قوله: {وَمَكْرَ السَّيِّئِ} أن الذي يظهر لنا أن إضافة الشيء إلى نفسه بلفظين مختلفين -أسلوب من أساليب اللغة العربية، لتنزيل التغاير في اللفظ منزلة التغاير في المعني. وبينا كثرته في القرآن، وفي كلام العرب. والعلم عند الله تعالى.

• قوله تعالى: {وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ} مدح الله جل وعلا