للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شدة حث الله للكفار وحضه لهم على التصديق بالبعث لظهور برهانه القاطع الذي هو خلقه لهم أولًا.

• قوله تعالى: {أَفَرَأَيتُمْ مَا تُمْنُونَ (٥٨) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ (٥٩)}.

قد قدمنا قريبًا كلام أهل العلم في همزة الاستفهام المتبوعة بأداة عطف، وذكرناه قبل هذا مرارًا، وقوله تعالى: {أَفَرَأَيتُمْ مَا تُمْنُونَ (٥٨)} يعني أفرأيتم ما تصبونه من المني في أرحام النساء، فلفظة (ما) موصولة، والجملة الفعلية صلة الموصول، والعائد إلى الصفة محذوف؛ لأنه منصوب بفعل، والتقدير: أفرأيتم ما تمنونه. والعرب تقول: أمنى النطفة، بصيغة الرباعي، يمنيها، بضم حرف المضارعة، إذا أراقها في رحم المرأة، ومنه قوله تعالى: {مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى (٤٦)} ومنى يمنى بصيغة الثلاثي لغة صحيحة، إلا أن القراءة بها شاذة.

وممن قرأ (تَمْنون) بفتح التاء مضارع في الثلاثي المجرد، أبو السمال وابن السميقع.

وقوله تعالى: {أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ (٥٩)} هو استفهام تقرير، فإنهم لا بد أن يقولوا: أنتم الخالقون، فيقال لهم: إذا كنا خلقنا هذا الإِنسان الخصيم المبين من تلك النطفة التي تمنى في الرحم، فكيف تكذبون بقدرتنا على خلقه مرة أخرى، وأنتم تعلمون أن الإِعادة لا يمكن أن تكون أصعب من الابتداء؟!

والضمير المنصوب في (تخلقونه) عائد إلى الموصول، أي تخلقون ما تمنونه من النطف علقًا، ثم مضغًا، إلى آخر أطواره.

وهذا الذي تضمنته هذه الآية من البراهين القاطعة على كمال