للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يريد الله أن يأمركم وينهاكم لأجل أن يذهب عنكم الرجس. والرجس كل مستقذر تعافه النفوس، ومن أقذر المستقذرات معصية الله تعالى.

• قوله تعالى: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ}.

قد قدمنا في ترجمة هذا الكتاب المبارك أن من أنواع البيان التي تضمنها بيان الإِجمال الواقع بسبب الإِبهام في صلة موصول، وذكرنا أن من أمثلة ذلك قوله تعالى: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ}؛ لأن جملة: الله مبديه صلة الموصول الذي هو ما. وقد قلنا في الترجمة المذكورة: فإنه هنا أبهم هذا الذي أخفاه - صلى الله عليه وسلم - في نفسه وأبداه الله، ولكنه أشار إلى أن المراد به زواجه - صلى الله عليه وسلم - زينب بنت جحش رضي الله عنها حيث أوحى إليه ذلك، وهي في ذلك الوقت تحت زيد بن حارثة، لأن زواجه إياها هو الذي أبداه الله بقوله: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} وهذا هو التحقيق في معنى الآية الذي دل عليه القرآن، وهو اللائق بجنابه - صلى الله عليه وسلم -.

وبه تعلم أن ما يقوله كثير من المفسرين من أن ما أخفاه في نفسه - صلى الله عليه وسلم - وأبداه الله وقوع زينب في قلبه ومحبته لها، وهي تحت زيد، وأنها سمعته، قال: سبحان مقلب القلوب إلى آخر القصة، كله لا صحة له. والدليل عليه أن الله لم يبد من ذلك شيئًا، مع أنه صرح بأنه مبدي ما أخفاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. انتهى محل الغرض من كلامنا في ترجمة هذا الكتاب المبارك.

وقال القرطبي رحمه الله في تفسير هذه الآية: واختلف الناس في تأويل هذه الآية: فذهب قتادة، وابن زيد، وجماعة من المفسرين منهم: الطبري، وغيره: إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقع منه استحسان لزينب