الواقع خلاف ما قالوا، وأنهم كانوا يعبدونهم في دار الدنيا من دون الله!.
فالجواب: أن تكذيبهم لهم منصب على زعمهم أنهم آلهة، وأن عبادتهم حق وأنها تقربهم إلى الله زلفى. ولا شك أن كل ذلك من أعظم الكذب وأشنع الافتراء، ولذلك هم صادقون فيما ألقوا إليهم من القول، ونطقوا فيه بأنهم كاذبون. ومراد الكفار بقولهم لربهم: هؤلاء شركاؤنا، قيل: ليحملوا شركاءهم تبعة ذنبهم. وقيل: ليكونوا شركاءهم فيم العذاب، كما قال تعالى:{رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ}
وقد نص تعالى على أنهم وما يعبدونه من دون الله في النار جميعًا في قوله:{إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} الآية. وأخرج من ذلك الملائكة وعيسى وعزيرًا بقوله: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (١٠١)} الآية؛ لأنهم ما عبدوهم برضاهم، بل لو أطاعوهم لأخلصوا العبادة لله وحده جل وعلا.
• قوله تعالى: {وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٨٧)} وإلقاؤهم إلى الله السلم: هو انقيادهم له، وخضوعهم، حيث لا ينفعهم ذلك كما تقدم في قوله:{فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ} والآيات الدالة على ذلك كثيرة، كقوله: {بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ (٢٦)} وقوله: {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ} ونحو ذلك من الآيات. وقد قدمنا طرفًا من ذلك في الكلام على قوله:{فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ}.