للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

• قوله تعالى: {فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا}.

ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن موسى رجع إلى قومه بعد مجيئه للميقات في حال كونه في ذلك الرجوع غضبان أسفًا على قومه من أجل عبادتهم العجل.

وقوله: {أَسِفًا} أي شديد الغضب. فالأسف هنا: شدة الغضب. وعلى هذا فقوله: {غَضْبَانَ أَسِفًا} أي: غضبان شديد الغضب. ومن إطلاق الأسف على الغضب في القرآن قوله تعالى في "الزخرف": {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ} أي: فلما أغضبونا بتماديهم في الكفر مع توالي الآيات عليهم انتقمنا منهم. وقال بعض العلماء: والأسف هنا الحزن والجزع؛ أي رجع موسى في حال كونه غضبان حزينًا جزعًا لكفر قومه بعبادتهم العجل. وقيل: أسفًا أي مغتاظًا؛ وقائل هذا يقول: الفرق بين الغضب والغيظ: أن الله وصف نفسه بالغضب، ولم يجز وصفه بالغيظ؛ حكاه الفخر الرازي. ولا يخفى عدم اتجاهه في تفسير هذه الآية؛ لأنه راجع إلى القول الأول، ولا حاجة في ذلك إلى التفصيل المذكور.

وقوله: {غَضْبَانَ أَسِفًا} حالان. وقد قدمنا فيما مضى أن التحقيق جواز تعدد الحال من صاحب واحد مع كون العامل واحدًا؛ كما أشار له في الخلاصة بقوله:

والحالُ قد يجيءُ ذا تعدِّد ... لمفردٍ فاعلم وغيرِ مفردِ

وما ذكره جل وعلا في آية "طه" هذه من كون موسى رجع