الأول: أن الحصير: المحبس والسجن، من الحصر وهو الحبس. قال الجوهري: يقال: حصره يحصره حصرًا: ضيق عليه وأحاط به، وهذا الوجه يدل له قوله تعالى: {وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا (١٣)} ونحو ذلك من الآيات.
الوجه الثاني: أن معنى {حَصِيًرا} أي: فراشا ومهادًا، من الحصير الذي يفرش؛ لأن العرب تسمي البساط الصغير حصيرًا. قال الثعلبي: وهو وجه حسن. ويدل لهذا الوجه قوله تعالى:{لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ} الآية، ونحو ذلك من الآيات. والمهاد: الفراش.
• قوله تعالى:{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} الآية. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن هذا القرآن العظيم الذي هو أعظم الكتب السماوية، وأجمعها لجميع العلوم، وآخرها عهدًا برب العالمين جل وعلا: يهدي للتي هي أقوم، أي: الطريقة التي هي أسد وأعدل وأصوب، فـ"التي" نعت لموصوف محذوف، على حد قول ابن مالك في الخلاصة:
وما من المنعوت والنعت عقل ... يجوز حذفه وفي النعت يقل
وقال الزجاج، والكلبي، والفراء: للحال التي هي أقوم الحالات، وهي توحيد الله والإيمان برسله.
وهذه الآية الكريمة أجمل الله جل وعلا فيها جميع ما في القرآن من الهدي إلى خير الطرق وأعدلها وأصوبها، فلو تتبعنا تفصيلها على وجه الكمال لأتينا على جميع القرآن العظيم،