للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صيغة تفضيل تدل على المشاركة، والواجب أحسن من المندوب، والمندوب أحسن من المباح، فيجازون بالأحسن الذي هو الواجب والمندوب، دون مشاركهما في الحسن وهو المباح، وعليه درج في مراقي السعود في قوله:

ما ربنا لم ينه عنه حسن ... وغيره القبيح والمستهجن

إلا أن الحسن ينقسم إلى حسن وأحسن؛ ومن ذلك قوله تعالى لموسى: {فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا} الآية. فالجزاء المنصوص عليه في قوله: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} حسن، والصبر المذكور في قوله: {وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (١٢٦)} أحسن؛ وهكذا.

وقرأ هذا الحرف ابن كثير وعاصم وابن ذكوان بخلف عنه: {وَلَنَجْزِيَنَّ} بنون العظمة. وقرأه الباقون بالياء، وهو الطريق الثاني لابن ذكوان.

• قوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٩٧)}.

ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن كل عامل سواء كان ذكرًا أو أنثي عمل عملًا صالحًا فإنه جل وعلا يقسم ليحيينه حياة طيبة، وليجزينه أجره بأحسن ما كان يعمل.

اعلم أولًا: أن القرآن العظيم دل على أن العمل الصالح هو مما استكمل ثلاثة أمور:

الأول: موافقته لما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن الله يقول: {وَمَا