وما تضمنته هذه الآية الكريمة جاء موضحًا في آية أخرى، وهي قوله تعالى في الشعراء: {قَال هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (١٥٥)}، وشرب الناقة هو الذي حذرهم منه صالح لئلا يتعرضوا له في قوله تعالى: {فَقَال لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا (١٣)}.
قوله:(فتعاطى)، قال أَبو حيان في البحر:(فتعاطى) هو مطاوع عاطا، وكأن هذه الفعلة تدافعها الناس وعاطاها بعضهم بعضًا، فتعاطاها قدار وتناول العقر بيده. انتهى محل الغرض منه.
والعرب تقول: تعاطى كذا إذا فعله أو تناوله، وعاطاه إذا ناوله، ومنه قول حسان رضي الله عنه:
كلتاهما حلب العصير فعاطني ... بزجاجة أرخاهما للمفصل
وقوله:(فعقر) أي تعاطى عقر الناقة فعقوها، فمفعولا الفعلين محذوفان تقديرهما كما ذكرنا، وعبر عن عاقر الناقة هنا بأنه صاحبهم، وعبر عنه في الشمس بأنه أشقاهم وذلك في قوله: {إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا (١٢)}.
وهذه الآية الكريمة تشير إلى إزالة إشكال معروف في الآية، وإيضاح ذلك أن الله تعالى فيها نسب العقر لواحد لا لجماعة؛ لأنه قال:(فتعاطى فعقر)، بالإِفراد، مع أنَّه أسند عقر الناقة في آيات أخر إلى ثمود كلهم، كقوله في سورة الأعراف: {فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ